46 - قوله: (ع): "ولنذكر مثالا للمنكر" ، ثم أورد حديث ، عن همام عن ابن جريج عن الزهري - رضي الله عنه - في وضع الخاتم عند دخول الخلاء. أنس
[ ص: 677 ] وقد نوزع في حكمه عليه بالنكارة مع أن رجاله من رجال الصحيح. أبو داود
والجواب أن حكم عليه بكونه منكرا، لأن أبا داود هماما تفرد به عن وهما وإن كانا من رجال الصحيح، فإن الشيخين لم يخرجا من رواية ابن جريج عن همام شيئا، لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج ابن جريج بالبصرة ، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله، والخلل في هذا الحديث من جهة أن دلسه عن ابن جريج بإسقاط الواسطة وهو الزهري ، ووهم زياد بن سعد في لفظه على ما جزم به همام وغيره، هذا وجه حكمه عليه بكونه منكرا، وحكم أبو داود عليه بكونه غير محفوظ أصوب فإنه شاذ في الحقيقة إذ المنفرد به من شرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذا. النسائي
وأما متابعة يحيى بن المتوكل له عن ، فقد تفيد لكن قول [ ص: 678 ] ابن جريج : لا أعرفه، أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه، فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله. يحيى بن معين
وأما ذكر له في الثقات، فإنه قال فيه مع ذلك: كان يخطئ وذلك مما يتوقف به عن قبول أفراده. ابن حبان
على أن للنظر مجالا في تصحيح حديث ، لأنه مبني على أن أصله حديث همام ، عن الزهري - رضي الله عنه - في اتخاذ الخاتم. أنس
ولا مانع أن يكون هذا متن آخر غير ذلك المتن وقد مال إلى ذلك فصححهما جميعا، ولا علة له عندي إلا تدليس ابن حبان ، فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي - والله أعلم - . ابن جريج
وإذا تقرر كون هذا - أيضا - لا يصلح مثالا للمنكر فلنذكر مثالا للمنكر غيره.
وقد ذكر الحافظ العلائي في هذا المقام حديث هشام بن سعد عن ، عن الزهري أم سلمة عن - رضي الله عنه - قال : "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر في رمضان ... فذكر حديث المواقع أهله في رمضان، وذكر فيه الكفارة وقوله: "على أفقر مني" وزاد في آخر المتن "وصم يوما مكانه واستغفر الله" . أبي هريرة
قال العلائي : تفرد به هكذا هشام بن سعد - وهو متكلم فيه سيئ الحفظ، وخالف فيه عامة أصحاب الكبار الحفاظ فمن دونهم، فإنه عندهم عنه عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن لا عن أبي هريرة أبي [ ص: 679 ] سلمة وليست عندهم هذه الزيادة.
قلت: وذكر في صحيحه حديث أبو عوانة هشام بن سعد هذا وقال: غلط هشام بن سعد .
وأورده في مناكير ابن عدي هشام بن سعد .
وقال : "أنكر الحفاظ حديثه في المواقع في رمضان من حديث أبو يعلى الخليلي عن الزهري أبي سلمة وقالوا: إنما رواه عن الزهري حميد ".
قال: ورواه عنه عن وكيع عن الزهري - رضي الله عنه – منقطعا. قال أبي هريرة : أراد أبو زرعة الرازي الستر على وكيع هشام بن سعد بإسقاط أبي سلمة ".
تنبيه
قول العلائي الذي أسلفناه أن الزيادة التي في آخر المتن تفرد بها هشام بن [ ص: 680 ] سعد ليس كما قال، فقد تابعه عليها الليث بن سعد وعبد الجبار بن عمر الأيلي كما أخرجه في صحيحه أبو عوانة - والله أعلم - . والبيهقي
وأما حديث أبي زكير في أكل البلح بالتمر، فقد أورده في المستدرك لكنه لم يحكم له بالصحة ولا غيرها. الحاكم
وأما ابن الجوزي أبو الفرج ، فذكره في الموضوعات .
والصواب فيه ما قال - وتبعه النسائي - : "إنه منكر". باعتبار ابن الصلاح به على إحدى الروايتين. تفرد الضعيف
وقد جزم بأنه تفرد به. ابن عدي
وقول الخليلي : إنه شيخ صالح أراد به في دينه لا في حديثه; لأن من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك، فقالوا: صالح الحديث. فإذا أطلقوا الصلاح، فإنما يريدون به في الديانة. - والله أعلم.