قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون
قال العلماء : هذه الآية مقدمة في النزول على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سيقول السفهاء من الناس . ومعنى تقلب وجهك : تحول وجهك إلى السماء ، قاله
الطبري .
الزجاج : تقلب عينيك في النظر إلى السماء ، والمعنى متقارب . وخص السماء بالذكر إذ هي مختصة بتعظيم ما أضيف إليها ويعود منها كالمطر والرحمة والوحي . ومعنى ترضاها تحبها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان إذا صلى نحو
بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر به ، وكان يحب أن يصلي إلى قبل
الكعبة فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144قد نرى تقلب وجهك في السماء . وروى
أبو إسحاق عن
البراء قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837232كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه نحو الكعبة ، فأنزل الله تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء . وقد تقدم هذا المعنى والقول فيه ، والحمد لله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فول وجهك شطر المسجد الحرام فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فول أمر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وجهك شطر أي ناحية المسجد الحرام يعني
الكعبة ، ولا خلاف في هذا . قيل : حيال البيت كله ، عن
ابن عباس . وقال
ابن عمر :
[ ص: 149 ] حيال الميزاب من
الكعبة ، قاله
ابن عطية . والميزاب : هو قبلة
المدينة وأهل الشام ، وهناك قبلة
أهل الأندلس .
قلت : قد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837233البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144شطر المسجد الحرام الشطر له محامل : يكون الناحية والجهة ، كما في هذه الآية ، وهو ظرف مكان ، كما تقول : تلقاءه وجهته . وانتصب الظرف لأنه فضلة بمنزلة المفعول [ به ] ، وأيضا فإن الفعل واقع فيه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند : إن في حرف
ابن مسعود "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فول وجهك تلقاء المسجد الحرام " . وقال الشاعر [ هو
أبو زنباع الجذامي ] :
أقول لأم زنباع أقيمي صدور العيس شطر بني تميم
وقال آخر :
وقد أظلكم من شطر ثغركم هول له ظلم يغشاكم قطعا
وقال آخر :
ألا من مبلغ عمرا رسولا وما تغني الرسالة شطر عمرو
وشطر الشيء : نصفه ، ومنه الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837234الطهور شطر الإيمان . ويكون من الأضداد ، يقال : شطر إلى كذا إذا أقبل نحوه ، وشطر عن كذا إذا أبعد منه وأعرض عنه . فأما الشاطر من الرجال فلأنه قد أخذ في نحو غير الاستواء ، وهو الذي أعيا أهله خبثا ، وقد شطر وشطر ( بالضم ) شطارة فيهما وسئل بعضهم عن الشاطر ، فقال : هو من أخذ في البعد عما نهى الله عنه .
الثالثة : لا خلاف بين العلماء أن
nindex.php?page=treesubj&link=1503_32607الكعبة قبلة في كل أفق وأجمعوا على أن من شاهدها وعاينها فرض عليه استقبالها ، وأنه إن ترك استقبالها وهو معاين لها وعالم بجهتها فلا صلاة له ، وعليه إعادة كل ما صلى ذكره
أبو عمر . وأجمعوا على أن كل من غاب عنها أن يستقبل ناحيتها
[ ص: 150 ] وشطرها وتلقاءها ، فإن خفيت عليه فعليه أن يستدل على ذلك بكل ما يمكنه من النجوم والرياح والجبال وغير ذلك مما يمكن أن يستدل به على ناحيتها . ومن جلس في
المسجد الحرام فليكن وجهه إلى
الكعبة وينظر إليها إيمانا واحتسابا ، فإنه يروى أن
nindex.php?page=treesubj&link=19328النظر إلى الكعبة عبادة ، قاله
عطاء ومجاهد .
الرابعة : واختلفوا
nindex.php?page=treesubj&link=1509_1510هل فرض الغائب استقبال العين أو الجهة ، فمنهم من قال بالأول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهو ضعيف ; لأنه تكليف لما لا يصل إليه . ومنهم من قال بالجهة ، وهو الصحيح لثلاثة أوجه : الأول : أنه الممكن الذي يرتبط به التكليف . الثاني : أنه المأمور به في القرآن ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم يعني من الأرض من شرق أو غرب
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فولوا وجوهكم شطره . الثالث : أن العلماء احتجوا بالصف الطويل الذي يعلم قطعا أنه أضعاف عرض البيت .
الخامسة : في هذه الآية حجة واضحة لما ذهب إليه
مالك ومن وافقه في أن
nindex.php?page=treesubj&link=19327_1561المصلي حكمه أن ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده . وقال
الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي . يستحب أن يكون نظره إلى موضع سجوده . وقال
شريك القاضي : ينظر في القيام إلى موضع السجود ، وفي الركوع إلى موضع قدميه ، وفي السجود إلى موضع أنفه ، وفي القعود إلى حجره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : إنما ينظر أمامه فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المفترض عليه في الرأس وهو أشرف الأعضاء ، وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج . وما جعل علينا في الدين من حرج ، أما إن ذلك أفضل لمن قدر عليه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وإن الذين أوتوا الكتاب يريد اليهود والنصارى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144ليعلمون أنه الحق من ربهم يعني تحويل القبلة من
بيت المقدس . فإن قيل : كيف يعلمون ذلك وليس من دينهم ولا في كتابهم ؟ قيل عنه جوابان : أحدهما : أنهم لما علموا من كتابهم أن
محمدا صلى الله عليه وسلم نبي علموا أنه لا يقول إلا الحق ولا يأمر إلا به . الثاني : أنهم علموا من دينهم جواز النسخ وإن جحده بعضهم ، فصاروا عالمين بجواز القبلة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وما الله بغافل عما يعملون تقدم معناه . وقرأ
ابن عامر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " تعملون " بالتاء على مخاطبة أهل الكتاب أو أمة
محمد صلى الله عليه وسلم . وعلى الوجهين فهو إعلام بأن الله تعالى لا يهمل أعمال العباد ولا يغفل عنها ، وضمنه الوعيد . وقرأ الباقون بالياء من تحت .