[ ص: 631 ] باب بيع المكاتب حدثنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن مالك عن أبيه عن { هشام بن عروة أنها قالت جاءتني عائشة بريرة فقالت : إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني ، فقالت إن أحب أهلك أن أعدها لهم عددتها ، ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت عائشة بريرة إلى أهلها ، فقالت لهم ذلك فأبوا عليها فجاءت من عند أهلها ، ورسول الله جالس ، فقالت إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فسمع ذلك رسول الله فسألها النبي فأخبرته فقال لها رسول الله : خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق عائشة } .
أخبرنا عن مالك يحيى بن سعيد عن عمرة عن . عائشة
( قال ) وحديث الشافعي يحيى عن عمرة عن أثبت من حديث عائشة هشام وأحسبه غلط في قوله : { } وأحسب حديث واشترطي لهم الولاء عمرة أن كانت شرطت لهم بغير أمر النبي ، وهي ترى ذلك يجوز فأعلمها رسول الله أنها إن أعتقتها فالولاء لها ، وقال { عائشة } ولا أرى أمرها أن تشترط لهم ما لا يجوز . لا يمنعك منها ما تقدم فيها من شرطك
( قال ) وبهذا نأخذ ، وقد ذهب فيه قوم مذاهب سأذكر ما حضرني حفظه منها إن شاء الله . الشافعي
( قال ) فقال لي بعض أهل العلم بالحديث والرأي : يجوز الشافعي قلت نعم في حالين قال وما هما ؟ قلت : أن يحل نجم من نجوم الكتابة فيعجز عن أدائه لأنه إنما عقدت له الكتابة على الأداء فإذا لم يؤد ففي نفس الكتابة أن للمولى بيعه لأنه إذا عقدها على شيء فلم يأت به كان العبد بحاله قبل أن يكاتبه إن شاء سيده ، قال : قد علمت بهذا فما الحال الثانية ؟ قلت : أن يرضى المكاتب بالبيع والعجز من نفسه وإن لم يحل له نجم قال فأين هذا ؟ قلت أفليس في المكاتب شرطان إلى السيد بيعه في أحدهما وهو إذا لم يوفه ؟ قال : بلى ، قلت : والشرط الثاني للعبد ما أدى لأنه لم يخرج بالكتابة من ملك سيده ، قال أما الخروج من ملك سيده فلم يكف بالكتابة . بيع المكاتب
( قال ) قلت وإذا لم يخرج من ملك سيده بالكتابة هل الكتابة إلا شرط للعبد على سيده وللسيد على عبده ؟ قال : لا قلت أرأيت من كان له شرط فتركه أليس ينفسخ شرطه ؟ قال : أما من الأحرار فبلى قلت فلم لا يكون هذا في العبد ؟ قال العبد لو كان له مال فعفاه لم يجز له قلت فإن عفاه بإذن سيده ؟ قال : تجوز قلت أفليس قد اجتمع العبد والسيد على الرضا بترك شرطه في الكتابة ؟ قال : بلى ، قلت : ولو الشافعي جاز ؟ قال : بلى ، قلت فلم لا يجوز إذا اجتمعا على إبطال الكتابة أن يبطلاها ؟ قال : وقلت له ذهاب اجتمعا على أن يعتق المكاتب عبده أو يهب ماله بريرة إلى أهلها مساومة بنفسها ورجوعها إلى لعائشة بجواب أهلها بأن اشترطوا ولاءها ورجوعها بقبول عائشة ذلك يدل على رضاها بأن تباع ورضا الذي يكاتبها بذلك لأنها لا تشترى إلا ممن كاتبها ؟ قال : أجل فقلت فقد كان في هذا ما يكفيك مما سألت عنه قال : فإن قلت فلعلها عجزت قلت أفترى من استعان كتابته معجزا قال : لا ، قلت : فحديثها يدل على أنها لم تعجز وإن كانت قد عجزت فلم يعجزها سيدها ، قال فلعل لأهلها بيعها قلت : بغير رضاها ؟ قال : لعل ذلك قلت أفتراها راضية إذا كانت مساومة بنفسها ورسولا لأهلها وإليهم ؟ قال : نعم قلت فينبغي أن يذهب توهمك أنهم باعوها بغير رضا وتعلم أن من لقينا من [ ص: 632 ] المفتين إذا لم يختلفوا في أن لا يباع المكاتب قبل أن يعجز أو يرضى بالبيع لا يجهلون سنة رسول الله وأنه لو كان محتملا معنيين كان أولاهما ما ذهب إليه عوام الفقهاء مع أنه بين في الحديث كما وصفت أن لم تبع إلا برضاها ؟ قال أجل . عائشة
( قال ) فقال لي بعض الناس : فما معنى إبطال النبي شرط الشافعي لأهل عائشة بريرة ؟ قلت إنا بينا والله أعلم في الحديث نفسه أن رسول الله قد أعلمهم أن الله قد قضى أن الولاء لمن أعتق ، وقال { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم } الآية وأنه نسبهم إلى مواليهم كما نسبهم إلى آبائهم وكما لم يجز أن يحولوا عن آبائهم فكذلك لا يجوز أن يحولوا عن مواليهم ومواليهم الذين ولوا منتهم وقال الله { : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك } وقال رسول الله : { } { الولاء لمن أعتق } ، وروي عنه أنه قال : { ونهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته } فلما بلغهم هذا كان من اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصيا وكانت في المعاصي حدود وآداب وكان من آداب العاصين أن تعطل عليهم شروطهم لينكلوا عن مثلها وينكل بها غيرهم وكان هذا من أحسن الأدب . الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب