الرجل يقتل الرجل فيعدو عليه أجنبي فيقتله
( قال ) رحمه الله تعالى : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا فعدا عليه غير وارث المقتول فقتله قيل : يثبت عليه ببينة أو يقر وبعدما أقر أو ثبت عليه ببينة وقيل : يدفع إلى أولياء المقتول ليقتلوه أو يأخذوا الدية [ ص: 76 ] أو يعفو أو بعد ما دفع إليهم ليقتلوه فكل ذلك سواء وعلى قاتله الأجنبي القصاص إلا أن تشاء ورثة المقتول أخذ الدية أو العفو ولو ادعى الجهالة وقال كنت أرى دمه مباحا لم يدرأ بها عنه القود ولو الشافعي لم يكن عليه عقل ولا قود ولا أدب ; لأنه معين لولي المقتول ولو ادعى أن ولي المقتول الذي له القصاص أمره بقتله فأقر بذلك ولي المقتول أحلف ولي المقتول ما أمره فإن حلف فعلى القاتل القصاص ولولي المقتول الدية في مال قاتل صاحبه المقتول وإن نكل حلف لقد أمره ولي المقتول ولا شيء عليه ولا حق لولي المقتول في ماله ولا مال قاتل صاحبه المقتول ولو كان للمقتول وليان فأمره أحدهما بقتله ولم يأمر به الآخر لم يقتل به وكان لأولياء المقتول القاتل أن يأخذوا نصف ديته من الأجنبي الذي قتله بغير أمر الورثة كلهم وللوارث أخذها من مال المقتول إلا أن يعفوها ، ولا ترجع ورثته على الآمر بشيء ; لأنه قد كان له أن لا يقتل إلا بأمره . ادعى على ولي المقتول الذي له القصاص أنه أمره بقتله وكذبه ولي المقتول
ولو كان فلأولياء المقتول القاتل على قاتل صاحبهم القود أو الدية ولولي القتيل الأول الدية في مال قاتل صاحبه دون قاتل قاتل صاحبه ولو أن له وارث واحد فقضي له بالقصاص فقتله أجنبي بغير أمره كان على الإمام القصاص إلا أن تشاء ورثته الدية ; لأن الله عز وجل لم يجعل للإمام قتله وإنما جعل ذلك لوليه لقول الله عز وجل { إماما أقر عنده رجل بقتل رجل بلا قطع طريق عليه فعجل فقتله ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } الآية ( قال ) الإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله - والله أعلم - وكذلك لو الشافعي فعليه القود ; لأنه قد كان لهم تركه من القود وأيهم شاء تركه فلا يكون إلى قتله سبيل والإمام في هذا مخالف أحد ولاة الميت يقتله ; لأن لكلهم حقا في دمه ولا حق للإمام ولا غيره في دمه وهذا مخالف قضى عليه بالقتل ودفعه إلى أولياء المقتول وقالوا : نحن نقتله فقتله الإمام أو أجنبي هذا لا شيء على قاتله ; لأنه لا يحل حقن دم هذا أبدا حتى يرجع عن الإقرار بكلام إن كان قضي عليه بإقراره أو يرجع الشهود عن الشهادة إن كان قضي عليه بشهادة شهود ، وكذلك يخالف الرجل يقضي عليه الإمام بالرجم في الزنا فيقتله الإمام ; لأن دم هؤلاء مباح لحق الله عز وجل ولا حق لآدمي فيه يحد عليهم كحق أولياء القتيل في أخذ الدية من قاتل وليهم ولا سبيل إلى العفو عنه كسبيل ولاة القتيل إلى العفو عن قاتل صاحبهم . المرتد عن الإسلام يقتله الإمام أو الأجنبي
ولو إما بأنه مغلوب على عقله أو صبي لم يبلغ وإما بأنه مسلم والمقتول كافر فعلى القاتل إذا كان هكذا دية المقتول ولأولياء المقتول الأول أخذ الدية من قاتل قاتلهم فإن كان فيها وفاء من دية صاحبهم فهي لهم وإن كان فيها فضل عن دية صاحبهم رد على ورثة المقتول فإن كانت تنقص أخذوا ما بقي من ماله وإن كانت قتل رجل رجلا عمدا فعدا عليه أجنبي فقتله والأجنبي ممن لا يقتل بالمقتول فأولياء المقتول الأول شركاؤهم في ديته وغيرها وليسوا بأحق بديته من أهل الديون غيرهم ; لأن ديته غير ديته وهو مال من ماله ليسوا بأحق به من غيرهم . . على القاتل المقتول الذي أخذت ديته ديون من جنايات وغيرها