( قال ) ومن رضي أن يملك شاة بدينار فملك بالدينار شاتين كان به أرضى ، وإن معنى ما تضمنه إن أراد مالك المال بأنه إنما أراد ملك واحدة وملكه المشتري الثانية بلا أمره ، ولكنه إن شاء ملكها على المشتري ، ولم يضمنه . ومن قال : هما له جميعا بلا خيار قال : إذا جاز عليه أن يشتري شاة بدينار فأخذ شاتين ، فقد أخذ واحدة تجوز بجميع الدينار فأوفاه وازداد له بديناره شاة لا مؤنة عليه في ماله في ملكها ، وهذا أشبه القولين بظاهر الحديث والله تعالى أعلم . الشافعي
( قال ) والذي يخالفنا يقول في مثل هذه المسألة هو مالك لشاة بنصف دينار والشاة الأخرى وثمن إن كان لها للمشتري لا يكون للآمر أن يملكها أبدا بالملك الأول والمشتري ضامن لنصف دينار . الشافعي
( أخبرنا ) عن مالك عن أبيه أن زيد بن أسلم عبد الله ابني وعبيد الله رضي الله تعالى عنهم خرجا في جيش إلى عمر بن الخطاب العراق فلما قفلا مرا على عامل فرحب بهما وسهل ، وهو أمير لعمر البصرة ، وقال : لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت . ثم قال : بلى ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان متاعا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح [ ص: 35 ] فقالا : وددنا ففعل وكتب لهما إلى أن يأخذ منهما المال فلما قدما عمر المدينة باعا فربحا فلما دفعا إلى قال لهما أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما ؟ فقالا لا : فقال عمر : قال أنا أمير المؤمنين فأسلفكما فأديا المال وربحه فأما عمر فسكت ، وأما عبد الله فقال : ما ينبغي لك هذا يا أمير المؤمنين لو هلك المال ، أو نقص لضمناه فقال أدياه فسكت عبيد الله وراجعه عبد الله فقال رجل من جلساء عبيد الله : يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عمر عبد الله نصف ربح ذلك المال . وعبيد الله
( قال ) ألا ترى إلى الشافعي يقول " أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما ؟ " كأنه والله أعلم يرى أن المال لا يحمل إليه مع رجل يسلفه فيبتاع ويبيع إلا وفي ذلك حبس للمال بلا منفعة للمسلمين وكان عمر والله تعالى أعلم يرى أن المال يبعث به ، أو يرسل به مع ثقة يسرع به المسير ويدفعه عند مقدمه لا حبس فيه ، ولا منفعة للرسول ، أو يدفع بالمصر الذي يجتاز إليه إلى ثقة يضمنه ويكتب كتابا بأن يدفع في المصر الذي فيه الخليفة بلا حبس ، أو يدفع قراضا فيكون فيه الحبس بلا ضرر على المسلمين ويكون فضل إن كان فيه حبس إن كان له فلما لم يكن المال المدفوع إلى عمر عبد الله بواحد من هذه الوجوه ، ولم يكن ملكا للوالي الذي دفعه إليهما فيجيز أمره فيما يملك إليه فيما يرى أن الربح والمال للمسلمين فقال وعبيد الله " أدياه وربحه " فلما راجعه عمر وأشار عليه بعض جلسائه وبعض جلسائه عندنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله قراضا رأى أن يفعل وكأنه والله تعالى أعلم رأى أن الوالي القائم به الحاكم فيه حتى يصير إلى عبيد الله ورأى أن له أن ينفذ ما صنع الوالي مما يوافق الحكم فلما كان لو دفعه الوالي قراضا كان على عمر أن ينفذ الحبس له والعوض بالمنفعة للمسلمين في فضله رد ما صنع الوالي إلى ما يجوز مما لو صنعه لم يرده عليه ، ورد منه فضل الربح الذي لم ير له أن يعطيهما وأنفذ لهما نصف الربح الذي كان له أن يعطيهما . عمر
( قال ) قد كانا ضامنين للمال وعلى الضمان أخذاه لو هلك ضمناه ، ألا ترى أن الشافعي لم يرد على عمر قوله لو هلك أو نقص كنا له ضامنين ، ولم يرده أحد ممن حضره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل عبيد الله ، ولا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكما الربح بالضمان ، بل جمع عليهما الضمان وأخذ منهما بعض الربح ، فقال قائل : فلعل عمر استطاب أنفسهما ، قلنا : أوما في الحديث دلالة على أنه إنما حكم عليهما ، ألا ترى أن عمر راجعه قال : فلم أخذ نصف الربح ، ولم يأخذه كله ؟ قلنا : حكم فيه بأن أجاز منه ما كان يجوز على الابتداء ; لأن الوالي لو دفعه إليهما على المقارضة جاز ، فلما رأى ومن حضره أن أخذهما المال غير تعد منهما وأنهما أخذاه من وال له فكانا يريان والوالي أن ما صنع جائز فلم يزعم ومن حضره ما صنع يجوز إلا بمعنى القراض أنفذ فيه القراض ; لأنه كان نافذا لو فعله الوالي ، أو لا ورد فيه الفضل الذي جعله لهما على القراض ، ولم يره ينفذ لهما بلا منفعة للمسلمين فيه . عبيد الله
( أخبرنا ) عبد الوهاب عن عن داود بن أبي هند رياح بن عبيدة قال : بعث رجل مع رجل من أهل البصرة بعشرة دنانير إلى رجل بالمدينة فابتاع بها المبعوث معه بعيرا ثم باعه بأحد عشر دينارا فسأل فقال : الأحد عشر لصاحب المال ، ولو حدث بالبعير حدث كنت له ضامنا . عبد الله بن عمر
( أخبرنا ) الثقة من أصحابنا عن مثل معناه ( قال : عبد الله بن عمر ) الشافعي يرى على المشتري بالبضاعة لغيره الضمان ويرى الربح لصاحب البضاعة ، ولا يجعل الربح لمن ضمن إذا المبضع معه تعدى في مال رجل بعينه والذي يخالفنا في هذا يجعل له الربح ، ولا أدري أيأمره أن يتصدق به أم لا ؟ وليس معه خبر إلا توهم عن وابن عمر وهم يزعمون أن الأقاويل التي تلزم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن رجل من أصحابه ، أو اجتمع الناس عليه فلم يختلفوا وقولهم هذا ليس داخلا في [ ص: 36 ] واحد من هذه الأشياء التي تلزم عندنا ، وعندهم . شريح