الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
56 3 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931الحكم بن نافع قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد، عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنه أخبره nindex.php?page=hadith&LINKID=650054أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=treesubj&link=30483_33300_28642_28276_30502_30510إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك.
هذا الحديث للترجمة الثالثة كما ذكرنا، وهذا الإسناد بعينه قد ذكر في باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل.
والحكم بفتح الكاف هو أبو اليمان الحمصي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري هو محمد بن مسلم.
(بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) هذا الحديث قطعة من حديث طويل مشهور أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا كما ترى وفي المغازي عن محمد بن يونس، وفي الدعوات عن nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى بن إسماعيل، وفي الهجرة عن يحيى بن قزعة، ثلاثتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد، وفي الجنائز عن nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وفي الطب عن nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى بن إسماعيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة، وفي الفرائض عن nindex.php?page=showalam&ids=11931أبي اليمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب أيضا، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي، عن سفيان خمستهم عنه به، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الوصايا عن nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة، nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن سفيان به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12752أبي الطاهر بن السرح nindex.php?page=showalam&ids=15708وحرملة بن يحيى كلاهما عنه به، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الوصايا أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة، عن سفيان به، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه أيضا عن محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن سفيان به، وقال: حسن صحيح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه عن عمرو بن عثمان بن سفيان عن سفيان به، وفي عشرة النساء عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم، وفي اليوم والليلة عن nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ببعضه، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الوصايا عن nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار، والحسين بن الحسن المروزي، وسهل بن أبي سهل بن سهل الرازي ثلاثتهم عن سفيان به.
(بيان الإعراب) قوله: "إنك" إن حرف من الحروف المشبهة بالفعل فالكاف اسمها، ولن تنفق خبرها، وكلمة "لن" حرف نصب ونفي واستقبال وفيه ثلاثة مذاهب الأول: أنه حرف مقتضب برأسه، وهذا مذهب الجمهور، والثاني وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن أصله لا فأبدلت النون من الألف فصار لن، والثالث وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي أن أصله لا أن فحذفت الهمزة تخفيفا والألف لالتقاء الساكنين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: إنه يفيد توكيد النفي قاله في الكشاف، وقال في أنموذجه يفيد تأبيد النفي ورد بأنه دعوى بلا دليل وقالوا: لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في: nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فلن أكلم اليوم إنسيا ولكان ذكر الأبد في: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=95ولن يتمنوه أبدا تكرارا والأصل عدمه، قوله: "تنفق" منصوب بها، وقوله: "نفقة" نصب على أنه مفعول مطلق، قوله: "تبتغي" جملة من الفعل والفاعل وقعت حالا من الضمير الذي في لن تنفق، والباء في بها إما للمقابلة كما في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون وإما للسببية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=688012 "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله"، وإما للظرفية بمعنى فيها، وإنما قلنا هكذا لأن تبتغي متعد يقال: ابتغيت الشء وتبغيته إذا طلبته من بغيت الشيء طلبته، قوله: "وجه الله" كلام إضافي مفعول تبتغي، قوله: "إلا أجرت" بضم الهمزة على صيغة المجهول، والمستثنى محذوف لأن الفعل لا يقع استثناء والتقدير: لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا نفقة أجرت بها، ويكون قوله: "أجرت بها" صفة للمستثنى، والمعنى على هذا لأن النفقة المأجور فيها هي التي تكون ابتغاء لوجه الله تعالى لأنها لو لم تكن لوجه الله تعالى لما كانت مأجورا فيها، وقال الكرماني: التقدير: إلا في حالة أجرت بها ثم فسر ذلك بقوله: أي nindex.php?page=treesubj&link=27212لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى في حال من الأحوال إلا وأنت في حال مأجوريتك عليها، قلت: لو قدر هكذا لن تنفق نفقة لوجه الله تعالى إلا حال كونك مأجورا عليها كان أحسن على ما لا يخفى، فإن قلت: الاستثناء متصل أو منقطع قلت: متصل لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، قوله: "بها" الباء إما للسببية، وإما [ ص: 320 ] للمقابلة، وإما بمعنى على، ولهذا في بعض النسخ عليها بدل بها، والباء تجيء بمعنى على كما في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=75من إن تأمنه بقنطار
قوله: "حتى" قال الكرماني: هي العاطفة لا الجارة وما بعدها منصوب المحل، وبعضهم تبعه على هذا قلت: "حتى" هذه ابتدائية أعني حرف تبتدئه بعده الجمل أي تستأنف فتدخل على الجملة الاسمية والجملة الفعلية وذلك لأن حتى العاطفة لها شروط منها أنها لا تعطف الجمل لأن شرط معطوفها أن يكون جزءا مما قبلها أو كجزء منه، ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات على أن العطف بحتى قليل، وأهل الكوفة ينكرونه ألبتة، وما بعد حتى هاهنا جملة لأن قوله: "ما" موصولة مبتدأ وخبره محذوف، وكذا العائد إلى الموصول تقديره: حتى الذي تجعل في فم امرأتك فأنت مأجور فيه، ووجه آخر يمنع من كون حتى عاطفة هو أن المعطوف غير المعطوف عليه، فإذا جعلت حتى عاطفة لا يستفاد أن ما يجعل في فم امرأته مأجور فيه فإن قلت: قال الكرماني: يستفاد ذلك من حيث إن قيد المعطوف عليه قيد في المعطوف، قلت: القيد في المعطوف عليه هو الابتغاء لوجه الله تعالى والأجر ليس بقيد فيه لأنه أصل الكلام والمقصود في المعطوف حصول الأجر بالإنفاق المقيد بالابتغاء فافهم.
(بيان المعاني) فيه nindex.php?page=treesubj&link=34079تمثيل باللقمة مبالغة في حصول الأجر لأن الأجر إذا ثبت في لقمة زوجة غير مضطرة ثبت فيمن أطعم المحتاج كسرة أو رغيفا بالطريق الأولى، وقال النووي: هذا بيان لقاعدة مهمة وهي أن ما أريد به وجه الله تعالى ثبت فيه الأجر، وإن حصل لفاعله في ضمنه حظ نفس من لذة أو غيرها، فلهذا مثل صلى الله عليه وسلم بوضع اللقمة في فم الزوجة ومعلوم أنه غالبا يكون بحظ النفس والشهوة واستمالة قلبها، فإذا كان الذي هو من حظوظ النفس بالمحل المذكور من ثبوت الأجر فيه وكونه طاعة وعملا أخرويا إذا أريد به وجه الله تعالى فكيف الظن بغيره مما يراد به وجه الله تعالى، وهو مباعد للحظوظ النفسانية، قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=650054 "تبتغي بها وجه الله" أي ذاته عز وجل المعنى أنه لا يطلب غير الله تعالى، وقال الكرماني: الوجه والجهة بمعنى يقال: هذا وجه الرائي أي هو الرائي نفسه، قلت: هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14038الجوهري فإن أراد بذكره أن الوجه هاهنا بمعنى الجهة فلا وجه له، وإن أراد أنه من قبيل هذا وجه الرائي فلا وجه له أيضا لأنه يقتضي أن تكون لفظة وجه زائدة، وحمل الكلام على الفائدة أولى، وقال الكرماني هنا أيضا فإن قلت مفهومه: إن الآتي بالواجب إذا كان مرائيا فيه لا يؤجر عليه، قلت: هو حق نعم يسقط عنه العقاب لكن لا يحصل له الثواب، قلت: حكمه بسقوط العقاب مطلقا غير صحيح بل الصحيح التفصيل فيه، وهو أن العقاب الذي يترتب على ترك الواجب يسقط لأنه أتى بعين الواجب ولكنه كان مأمورا أن nindex.php?page=treesubj&link=19696_18701_18702يأتي بما عليه بالإخلاص وترك الرياء، فينبغي أن يعاقب على ترك الإخلاص لأنه مأمور به وتارك المأمور به يعاقب، قوله: "في فم امرأتك" وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني: "في في امرأتك" وهو رواية الأكثرين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: حذف الميم أصوب، وبالميم لغة قليلة، قلت: لأن أصل فم فوه على وزن فعل بدليل قولهم: أفواه وهو جمع ما كان على فعل ساكن العين معتلا، كقولهم: ثوب وأثواب وحوض وأحواض فإذا أفردت عوضت من واوها ميم لتثبت ولا تعوض في حال الإضافة إلا شاذا، وإعرابه في الميم مع فتح الفاء في الأحوال الثلاث تقول: هذا فم ورأيت فما وانتفعت بفم، ومنهم من يكسر الفاء على كل حال، ومنهم من يرفع على كل حال، ومنهم من يعربه من مكانين، فإن قلت: لم خص المرأة بالذكر، قلت: لأن عود منفعتها إلى المنفق فإنها تؤثر في حسن بدنها ولباسها والزوجة من أحظ حظوظه الدنيوية وملاذه والغالب من الناس النفقة على الزوجة لحصول شهوته وقضاء وطره بخلاف الأبوين، فإنها ربما تخرج بكلفة ومشقة فأخبر صلى الله تعالى عليه وسلم أنه إذا قصد باللقمة التي يضعها في فم الزوجة وجه الله تعالى وجعل له الأجر مع الداعية فمع غير الداعية وتكلف المشقة أولى.