الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا إلى مسألتين :
إحداهما : أن nindex.php?page=treesubj&link=734الجنب إذا أدخل يده في الماء قبل غسلها ، وليس على يده نجاسة - فإنه لا ينجس الماء ; فإن المؤمن لا ينجس.
وقد ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب أنهما أدخلا أيديهما في الطهور من غير غسل ، ثم توضآ . وهذا في الوضوء .
وقد سبق ذكره في الكلام على حديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان في nindex.php?page=treesubj&link=9صفة الوضوء ، وعلى الكلام على حديث ( إذا استيقظ أحدكم من النوم فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ) .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب بال ، فأدخل يده في مطهرة المسجد ، يعني : قبل أن يغسلها .
[ ص: 281 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن جابر الجعفي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قال : كان الرجال على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلون أيديهم في الإناء وهم جنب ، والنساء وهن حيض ، لا يرون بذلك بأسا .
ورخص فيه nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب وغيره .
واختلف كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في ذلك ; فقال مرة في الجنب والحائض يغمس يده في الإناء إذا كانا نظيفتين : لا بأس به . ونقل عنه ابنه عبد الله في الجنب يدخل يده في الإناء ، ولم يمسها أذى ، ولم ينم - قال : إن لم ينم فأرجو أن لا يكون به بأس ، وإن نام غسلها .
يشير إلى أنه إن كان قائما من النوم فإنه لا يرخص له في ترك غسلها ، فجعل القائم من النوم أشد من الجنب .
ونقل عنه كراهة ذلك :
نقل عنه nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح وابن منصور في الجنب والحائض يغمس يده في الإناء ، قال : كنت لا أرى به بأسا ، ثم حدثت عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فكأني تهيبته .
ونقل عنه nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح أيضا في جنب أدخل يده في ماء ، ينظر حره من [ ص: 282 ] برده : إن كان أصبعا رجوت أن لا يكون به بأس ، وإن كان اليد أجمع فكأنه كرهه .
ونقل عنه nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح أيضا في جنب يدخل الحمام ، ليس معه أحد ، ولا ماء يصب به على يده - ترى له أن يأخذ بفمه ؟ قال : لا ، يده وفمه واحد .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14409الزبيدي ، عن علي بن أبي طلحة ، في الجنب يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها - قال : يهريق أعلاه .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد بإسناده ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، قال : إذا غمس الجنب يده في إناء صغير [فأهرقه] ، وإن كان كبيرا فلا بأس به .
وهذا قد يرجع إلى القول بنجاسة بدن الجنب ، وهو قول شاذ ترده السنة الصحيحة . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في جنب اغتسل في ماء يسير [...] .
ولم ينقل عنه في المحدث يتوضأ في ماء يسير ، وإن كان أصحابنا قد سووا بينهما .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه كان يكره فضل الحائض والجنب .
[ ص: 283 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه كان لا يرى بسؤر المرأة بأسا ، إلا أن تكون حائضا أو جنبا .
وروي عن معاذة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، أنها كانت تكره سؤر الحائض ، وأن يتوضأ به .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كراهة nindex.php?page=treesubj&link=32033سؤر الحائض إذا [...] بالماء .
وفي ( مسند nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ) من رواية سويد بن عبد العزيز الدمشقي ، عن نوح بن ذكوان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت : وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماء ، وأدخلت يدي فيه ، فلم يتوضأ منه .
وهذا منكر ، لا يصح . وسويد ونوح ضعيفان .
فأما إن أدخل الجنب يده في الماء بعد أن نوى الغسل ، فاغترف منه ، وكان الماء قليلا - فإن نوى الاغتراف من الماء لم يضره ، وإن نوى غسل يده من الجنابة في الماء صار الماء مستعملا .
وإن أطلق النية ففيه قولان لأصحابنا وغيرهم من الفقهاء ، أشهرهما عندهم أنه يصير مستعملا ، وهو قول الشافعية .
والصحيح أنه لا يصير بذلك مستعملا .
وعليه يدل حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=156وميمونة ، واغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه من إناء واحد ; فإنه لو كان يصير الماء مستعملا بغمس اليد في الماء بدون نية الاغتراف لوجب بيانه للأمة بيانا عاما ; فإن هذا مما تدعو الضرورة إليه ; فإن [ ص: 284 ] عامة الناس لا يستحضرون نية الاغتراف ، وأكثرهم لا يعلمون حكم ذلك ، بل قد روي عن النبي وأصحابه ما يدل على خلاف ذلك ، وأن الماء لا يجنب باغتراف الجنب منه .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=662430اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جفنة ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ، فقالت : يا رسول الله ، إني كنت جنبا ! قال : ( إن الماء لا يجنب ) .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال : حسن صحيح ، nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في ( صحيحه ) nindex.php?page=showalam&ids=14070، والحاكم وصححه .
وأعله nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بأنه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مرسلا .
وقد صح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل عن الجنب يغتسل من ماء الحمام ، فقال : الماء لا يجنب .
وصح عنه أنه قال : الماء لا يجنب .
وكذلك صح عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن يزيد الرشك ، عن معاذة ، قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=705065سألت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن الغسل من الجنابة ؟ فقالت : إن الماء لا ينجسه شيء ; كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في ( صحيحه ) ، ولفظه : إن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : الماء طهور ، لا يجنب الماء شيء ; لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الإناء الواحد . قالت : أبدؤه ، فأفرغ على يديه من قبل أن يغمسهما في الإناء .
وروى المقدام بن شريح ، عن أبيه ، nindex.php?page=hadith&LINKID=662427أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن غسل الجنابة ؟ [ ص: 285 ] فقالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد . قال nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح : كيف يكون ؟ قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : إنه ليس على الماء جنابة ، مرتين أو ثلاثة .
خرجه [...] nindex.php?page=showalam&ids=15549وبقي بن مخلد في ( مسنده ) .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه في ( مسنده ) ، وعنده : فقالت : إن الماء لا ينجس .
وقد رفع بعضهم آخر الحديث ، وهو قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=683799الماء لا ينجس ) ، فجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم . خرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12425والقاضي إسماعيل nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي وغيرهم - مرفوعا .
والصحيح أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
المسألة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=725ما ينتضح من بدن الجنب في الماء الذي يغتسل منه .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أنهما لم يريا به بأسا .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع في ( كتابه ) ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14807العلاء بن المسيب ، عن رجل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - أنه لم يكن يرى به بأسا .
وكذلك رخص فيه أكثر السلف ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وأبو جعفر .
[ ص: 286 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : أو تجد من ذلك بدا ؟
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن نحوه .
ورخص فيه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، وغيرهم .
وقد سبق بسط ذلك في ذكر الماء المستعمل ، وأنه ليس بنجس .
ويدل على ذلك أن اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أزواجه من الإناء الواحد لا يسلم من إصابة رشاش الماء المتقاطر منهما [للماء] ، ولو كان ذلك نجسا لوجب بيانه والأمر بالتحرز منه ; فإن هذا مما تعم به البلوى ، ولا يكاد يسلم الناس منه .
وكلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يدل على أن ما ينضح من الماء عند الغسل والوضوء على البدن أو الثوب في الماء لا بأس به .
فإن توضأ في طشت ، ثم صبه ، فأصاب ثوبه منه - فإنه يستحب له غسله والتنزه عنه ; فإن هذا لا يشق التحرز عنه ، وهو ماء [قذر] ، قد أخرج الذنوب والخطايا ، واختلف في نجاسته .