( قوله فلو ولو وترا فسد فرضه موقوفا ) أي فساد هذا الفرض موقوف على قضاء الفائتة قبل أن تصير الفوائت كثيرة مع الفائتة فإن قضاها قبله فسد هذا الفرض وما صلاه بعده متذكرا وإن لم يقضها حتى صارت الفوائت مع الفائتة ست صلوات فما صلاه متذكرا لها صحيح قال في المبسوط هذه المسألة هي التي يقال واحدة تصحح خمسا وواحدة تفسد خمسا فالواحدة المصححة للخمس هي السادسة قبل قضاء المتروكة والواحدة المفسدة للخمس هي المتروكة تقضى قبل السادسة ا هـ . صلى فرضا ذاكرا فائتة
وهذا عند أبي حنيفة وعندهما الفساد متحتم لا يزول وهو القياس لأن سقوط الترتيب [ ص: 96 ] حكم والكثرة علة له فإنما يثبت الحكم إذا ثبتت العلة في حق ما بعدها فأما في حق نفسها فلا وهذا لأن العلة ما تحل بالمحل فيتغير لحلوله المحل فلا يجوز أن يكون نفس العلة محلا للعلة للاستحالة أن الحكم مع العلة يقترنان لما عرف في الأصول والكثرة صفة هذا المجموع وحكمها سقوط الترتيب فإذا ثبتت صفة الكثرة بوجود الأخيرة استندت الصفة إلى أولها بحكمها فيجوز الكل كمرض الموت لما ثبت له هذا الوصف استند إليه بحكمه ولهذا لو أعادها بلا ترتيب جازت عندهما أيضا وهذا لأن المانع من الجواز قلتها وقد زالت فيزول المنع ولأبي حنيفة
وفي العناية لا يقال كل واحدة من آحادها جزؤها متقدمة عليها فكيف يكون معلولا لها لأنها جزؤها من حيث الوجود ولا كلام فيه وإنما الكلام من حيث الجواز وذلك متأخر لأنه لم يكن ثابتا لكل واحدة منها قبل الكثرة ولا يمتنع أن يتوقف حكم على أمر حتى يتبين حاله كتعجيل الزكاة إلى الفقير يتوقف كونها فرضا على تمام الحول والنصاب نام فإن تم على نمائه كان فرضا وإلا نفل وكون المغرب في طريق مزدلفة فرضا على عدم إعادتها قبل الفجر فإن أعادها كانت نفلا والظهر يوم الجمعة على عدم شهودها فإن شهدها كانت نفلا وصحة فإن لم يعد فسدت وإلا صحت وكون الزائد على العادة حيضا على عدم مجاورة العشرة فإن جاوزت فاستحاضة وإلا حيض وصحة الصلاة التي صلتها صاحبة العادة فيما إذا صلاة المعذور إذا انقطع العذر فيها على عوده في الوقت الثاني فإن عادت ففاسدة وإلا فصحيحة ثم اعلم أن المذكور في الهداية وشروحها كالنهاية والعناية وغاية البيان وكذا في الكافي والتبيين وأكثر الكتب أن انقلاب الكل جائزا موقوف على أداء ست صلوات وعبارة الهداية ثم العصر تفسد فسادا موقوفا حتى لو صلى ست صلوات ولم يعد الظهر انقلب الكل جائزا والصواب أن يقال حتى لو صلى خمس صلوات وخرج وقت الخامسة من غير قضاء الفائتة انقلب الكل جائزا لأن الكثرة المسقطة بصيرورة الفوائت ستا فإذا صلى خمسا وخرج وقت الخامسة صارت الصلوات ستا بالفائتة المتروكة أولا وعلى ما صوره يقتضي أن تصير الصلوات سبعا وليس بصحيح وقد ذكره في فتح القدير بحثا ثم أطلعني الله عليه بفضله منقولا في المجتبى وعبارته ثم اعلم أن انقطع دمها دون العادة فاغتسلت وصلت على عدم العود موقوف عند فساد الصلاة بترك الترتيب فإن كثرت وصارت الفواسد مع الفائتة ستا ظهر صحتها وإلا فلا ا هـ . أبي حنيفة
ولقد أحسن رحمه الله وأجاد هنا كما هو دأبه في التحقيق ونقل الغرائب وعلى هذا فقول صاحب المبسوط إن الواحدة المصححة للخمس هي [ ص: 97 ] السادسة قبل قضاء المتروكة غير صحيح لأن المصحح للخمس خروج وقت الخامسة كما علمت وأطلق المصنف التوقف فشمل ما إذا ظن وجوب الترتيب أو ظن عدمه وتعليلهم أيضا يرشد إليه فما في شرح المجمع للمصنف معزيا إلى المحيط من أن عدم وجوب الإعادة عنده إذا أما إذا علم فعليه إعادة الكل اتفاقا لأن العبد مكلف بما عنده ضعيف وعلله في فتح القدير بأن التعليل المذكور يقطع بإطلاق الجواب ظن عدم الوجوب أولا وقيد بفساد الفريضة لأنه لا يبطل أصل الصلاة عند لم يعلم من فاتته الصلاة وجوب الترتيب وفساد صلاته بدونه أبي حنيفة وعند وأبي يوسف يبطل لأن التحريمة عقدت للفرض فإذا بطلت الفرضية بطلت التحريمة أصلا ولهما أنها عقدت لأصل الصلاة بوصف الفريضة فلم يكن من ضرورة بطلان الوصف بطلان الأصل كذا في الهداية محمد
وفائدته تظهر في كذا في الغاية وأطلق في التذكر ولم يقيده بالعلم لما في الولوالجية انتقاض الطهارة بالقهقهة يصلي الفجر ثم يعيد الظهر لأنه لما تحقق ظنه صار كأنه في الابتداء متيقن رجل دخل في صلاة الظهر ثم شك في صلاة الفجر أنه صلاها أم لا فلما فرغ من صلاته تيقن أنه لم يصل الفجر يتوضأ ويعيد الصلاة كذا هاهنا ا هـ . كالمسافر إذا تيمم وصلى ثم رأى في صلاته سرابا فمضى على صلاته ثم ظهر بعد فراغه من الصلاة أنه كان ماء
وفي المحيط قيل لا تجزئه الصلوات الأربعة في اليوم الأول وتجزئه في اليوم الثاني لسقوط الترتيب عنه لكثرة الفوائت ولا تجزئه في اليوم الثالث لكثرة الترتيب وهكذا يجري فمن كل عشرة صلوات ستة صلوات فاسدة وأربعة منها جائزة وكذا لو رجل لم يصل الفجر وصلى بعدها أربع صلوات من يوم شهرا يجزئه خمس عشرة صلاة من الفجر لا يجزئه غيرها وقيل أنه يجزئه الصلوات الأربعة في كل يوم إلا في اليوم الأول ويجزئه كل الفجر إلا الفجر في اليوم الثاني لأنه صلى الفجر الثاني وعليه أربع صلوات فلم يجزه لقلة الفوائت وبعد ذلك كثرت الفوائت فسقط الترتيب والترتيب متى سقط لا يعود ا هـ . صلى الفجر شهرا ولم يصل سائر الصلوات
واقتصر على القول الأول في التجنيس وقال أنه يؤيد قول من لا يعتبر الفوائت القديمة في إسقاط الترتيب وقد أجاب الإمام حسام الدين في نظيره في الفصل الذي قبله بخلاف هذا . ا هـ .
فالمفتى به هو القول الثاني كما لا يخفى وقوله ولو وترا بيان لقول لأن عنده الوتر فرض عملي فوجب الترتيب بينه وبين الوقتية حتى لو أبي حنيفة فسد فجره عنده موقوفا كما تقدم وعندهما لا يفسد لأن الوتر سنة ولا ترتيب بين الفرائض والسنن حتى لو صلى الفجر ذاكرا للوتر لم يفسد لأنه عرف واجبا في الفرض بخلاف القياس فلا يلحق به غيره يضرب ويحبس حتى يصليها ولا يقتل وإذا جحد واستخف وجوبها يقتل وفي الكافي ومن قضى الفوائت ينوي أول ظهر لله عليه أو آخر ظهر لله عليه احتياطا ولو لم يقل الأول والآخر وقال نويت الظهر الفائتة جاز في الخلاصة تذكر فائتة في تطوعه ليس عليه قضاء العشاء والمختار أن عليه قضاء العشاء وإذا استيقظ قبل الطلوع عليه قضاء العشاء بالإجماع وهي واقعة غلام احتلم بعدما صلى العشاء ولم يستيقظ حتى طلع الفجر سألتها محمد بن الحسن فأجابه بما ذكرنا فأعاد العشاء إذا أبا حنيفة ينبغي أن يقضيها في بيته ولا يقضيها في المسجد إذا فاتت صلاة عن وقتها يعطى [ ص: 98 ] لكل صلاة نصف صاع من بر وللوتر نصف صاع ولصوم يوم نصف صاع وإنما يعطى من ثلث ماله وإن لم يترك مالا تستقرض ورثته نصف صاع ويدفع إلى المسكين ثم يتصدق المسكين على بعض ورثته ثم يتصدق ثم وثم حتى يتم لكل صلاة ما ذكرنا ولو قضاها ورثته بأمره لا يجوز وفي الحج يجوز ا هـ . مات الرجل وعليه صلوات فائتة وأوصى بأن يعطى كفارة صلاته
وفي الظهيرية اتفق المشايخ على تنفيذ هذه الوصية من ثلث ماله واختلفوا هل يقوم الإطعام مقام الصلاة قال محمد بن مقاتل ومحمد بن سلمة يقوم وقال لا يقوم ولا رواية في سجدة التلاوة أنه يجب أولا ولو أعطى فقيرا واحدا جملة جاز بخلاف كفارة اليمين ولو أعطى عن خمس صلوات تسعة أمناء فقيرا ومنا فقيرا آخر قال البلخي أبو بكر الإسكاف يجوز ذلك كله وقال أبو القاسم وهو اختيار يجوز عن أربع صلوات دون الخامسة لأنه متفرق ولا يجوز أن يعطي كل مسكين أقل من نصف صاع في كفارة اليمين فكذلك هذا فالحاصل أن كفارة الصلاة تفارق كفارة اليمين في حق أنه لا يشترط فيها العدد وتوافقها من حيث إنه لو أدى أقل من نصف صاع إلى فقير واحد لا يجوز ا هـ . والله أعلم . الفقيه أبي الليث
[ ص: 96 ]