( قوله والالتفات ) لما رواه عن البخاري رضي الله عنها قالت { عائشة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد الالتفات في الصلاة } . سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
وروى الترمذي وصححه عن عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنس } ثم المذكور في عامة الكتب أن الالتفات المكروه هو تحويل وجهه عن القبلة وممن صرح به صاحب البدائع والنهاية والغاية والتبيين وفتح القدير والمجتبى والكافي وشرح المجمع وقيده في الغاية بأن يكون لغير عذر أما تحويل الوجه لعذر فغير مكروه ، وينبغي أن تكون تحريمية كما هو ظاهر الأحاديث قالوا وإنما كره لغير عذر لأنه انحراف عن القبلة ببعض بدنه ولو انحرف عنها [ ص: 23 ] بجميع بدنه فسدت فإن انحرف ببعض بدنه كره كالعمل القليل فإنه مكروه لأن كثيره مفسد ويدل لعدم فسادها بهذا الالتفات قوله في الحديث { إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة } فإنه سماها صلاة معه وإنما لم يكره للعذر لحديث يختلسها الشيطان من صلاة العبد عن مسلم { جابر } وقد صرحوا بأن اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا أصلا غير مكروه مطلقا والأولى تركه لغير حاجة والظاهر أن فعله عليه السلام إياه كان لحاجة تفقد أحوال المقتدين به مع ما فيه من بيان الجواز وإلا فهو كان ينظر من خلفه كما ينظر أمامه كما في الصحيحين التفات البصر يمنة ويسرة من غير تحويل الوجه
وقد خالف صاحب الخلاصة عامة الكتب في الالتفات المكروه فجعله مفسدا وعبارته ولو فسدت وكذا في الخانية وجعل فيها حول المصلي وجهه عن القبلة من غير عذر أن يحول بعض وجهه عن القبلة والأشبه ما في عامة الكتب من أن الالتفات المكروه أعم من تحويل جميع الوجه أو بعضه وذكر في منية المصلي أن كراهة الالتفات بالوجه فيما إذا استقبل من ساعته يعني فلو لم يستقبل من ساعته فسدت وكأنه جمع بين ما في الفتاوى وبين ما في عامة الكتب بحمل ما في الفتاوى على ما إذا لم يستقبل من ساعته وحمل ما في العامة على ما إذا استقبل من ساعته وكأنه ناظر إلى أنه إذا لم يستقبل من ساعته صار عملا كثيرا فأفسدها وإذا استقبل من ساعته كان عملا قليلا فكره وهو بعيد فإن الاستدامة على هذا القليل لا يجعله كثيرا وإنما كثيره تحويل صدره وقد صرحوا بالفساد عند تحويل الصدر ولا بد من تقييده بعدم العذر كما في منية المصلي لتصريحهم كما سبق بأنه لو الالتفات المكروه لا تبطل ومقتضى القواعد المذهبية اشتراط أن يؤدي ركنا وهو مستدبر لما صرحوا به من أن انكشاف العورة إنما يفسدها إذا لم يستتر من ساعته حتى أدى ركنا أما إذا سترها قبل أداء الركن فلا فكذا استقبال القبلة بجامع الشرطية والمكث قدر أداء الركن فيه خلاف بين ظن أنه أحدث فاستدبر القبلة ثم علم أنه لم يحدث قبل الخروج من المسجد أبي يوسف ومحمد لا يجعله كأداء الركن فأبو يوسف جعله كما عرف وذكر الشارح أنه يكره ومحمد لقوله عليه السلام { رفع بصره إلى السماء } وفي التجنيس ويكره أن يميل أصابع يديه ورجليه عن القبلة لأنه مأمور بتوجيهها قال عليه السلام { ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة لينتهن أو لتخطفن أبصارهم فليوجه من أعضائه إلى القبلة ما استطاع }
[ ص: 23 ]