قال رحمه الله ( لا يقتص وإلا اقتص منه ) وإنما لا يقتص في الأول لاشتباه من له الحق لأن القصاص يجب عند الموت مستند إلى وقت الجرح فعلى اعتبار حالة الجرح [ ص: 438 ] يكون الحق للمولى وعلى اعتبار الحالة الثانية يكون للورثة فتحقق الاشتباه فتعذر فلا تجب على وجه يستوفى إذ الكلام فيما إذا كان للعبد ورثة أخرى سوى المولى واجتماعهما لا يزيل الاشتباه لأن الملك يثبت لكل واحد منهما في إحدى الحالتين ولا يثبت على الدوام فيها فلا يكون الاجتماع مقيدا ولا يقال يأذن كل واحد منهما لصاحبه لأن الإذن إنما يصح إذا كان الآذن يملك ذلك بخلاف العبد الموصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر وكل واحد منهما دائم فصارا بمنزلة الشريكين فيه فلا يفرد أحدهما دون الآخر لما فيه من إبطال حق الآخر فيتصل باجتماعهما للرضا ببطلان حقه وأما في الثاني وهو ما إذا لم يكن له ورثة غير المولى فهو قول قطع يد عبد فحرره سيده فمات منه وله ورثة غيره أبي حنيفة وقال وأبي يوسف رحمه الله لا يجب القصاص فيه أيضا لأن سبب الولاية قد اختلف لأن الملك على اعتبار العتق والولاء على اعتبار حالة الموت فنزل اختلاف السبب منزلة اختلاف المستحق فيما لا يثبت مع الشبهة أو فيما يحتاط فيه فصار كما إذا محمد لا يحل له وطؤها لما قلنا . قال لآخر بعتني هذه الجارية وقال لا بل زوجتها منك
بخلاف ما إذا فإنه يقضى له عليه بألف وإن اختلف السبب لأن الأموال تثبت بالشبهة فلا يبالي باختلاف السبب عند اتحاد الحكم ولأن الإعتاق قاطع للسراية وبانقطاعها يبقى الجرح بلا سراية والسراية بلا قطع فيمتنع القصاص ولهما أنهما تيقنا ثبوت الولاية للمولى فيستوفيه وهذا لأن المقضي له معلوم والحكم متحد فأمكن الإيجاب والاستيفاء لاتحاد المستوفى والمستوفى منه ولا معتبر باختلاف السبب بعد ذلك كمسألة الإقرار بخلاف الفصل الأول لأن المقضي له مجهول وبخلاف مسألة الجارية لأن الحكم مختلف لأن ملك اليمين يغاير ملك النكاح في الحكم لأن النكاح يثبت الحل مقصودا وملك اليمين لا يثبته مقصودا وقد لا يثبت الحل أصلا ولأن ما ادعى كل واحد منهما من السبب للحل انتفى بإنكار الآخر فبقي بلا سبب فلا يثبت الحل بدونه إذ لا يجري فيه البدل بخلاف ما نحن فيه لأن السبب موجود بيقين ولا منكر له فلم يوجد ما يبطله ولا ما يحتمل الإبطال فأمكن استيفاؤه والإعتاق لا يقطع السراية لذاته بل الاشتباه من له الحق وذلك إذا كان له وارث آخر غير المولى على ما بينا أو في الأطراف أو في القتل خطأ لأن العبد لا يصلح مالكا للمال فعلى اعتبار حالة الجرح يكون الحق للمولى وعلى اعتبار حالة الموت أو زيادة الجرح في الحالة الثانية يكون للعبد حتى تقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه فحصل الاشتباه فيمن له الحق فسقط ما حدث بعد الحرية من ذلك الجرح . أقر لرجل بألف درهم من القرض وقال المقر له من ثمن مبيع
وأما القتل عمدا فموجبه القصاص فلا اشتباه فيه إذا لم يكن له وارث سوى المولى لأنه على اعتبار أن يكون الحق للعبد فالمولى هو الذي يتولاه فلا اشتباه فيمن له الحق فالحاصل من هذا كله أن من قطع يد عبد غيره فأعتقه المولى ثم مات لا يزيد على أربع لأنه إما أن قطع عمدا أو خطأ فإن كان الأول فإما أن يكون للعبد وارث سوى المولى أو لم يكن فإن كان يقطع الإعتاق السراية بالاتفاق فلا يجب القصاص لجهالة المقضي له والمقضي به وإن لم يكن لا يقطعها عندهما خلافا وإن كان الثاني فالإعتاق لا يقطعها فحاصله أنهم أجمعوا في الخطأ وفي العمد فيما إذا كان له وارث آخر أن الإعتاق يقطع السراية فلا يجب إلا أرش القطع وما ينقص بذلك إلا الإعتاق ويسقط الدية والقصاص وكذا في القطع إذا لم يمت منه لا يجب عليه سوى أرش القطع وما نقص إلى الإعتاق ولا يجب عليه ما حدث من النقصان بعد الإعتاق بالإجماع فعلم بذلك أن كل موضع لا يجب فيه القصاص يجب فيه أرش القطع وما نقصه إلى الإعتاق ولا يجب عليه الدية وما نقص منه بعد الإعتاق . لمحمد