( كتاب المكاتب ) .
قال في النهاية أورد الكتابة بعد عقد الإجارة لمناسبة أن كل واحد منها عقد يستفاد منه المال بمقابلة ما ليس بمال على وجه يحتاج فيه إلى ذكر العوض بالإيجاب والقبول بطريق الأصالة وبهذا وقع الاحتراز عن البيع والطلاق والعتاق ، وهذا مستدرك ; لأنه يرد عليه أن يقال إنه وقع الاحتراز بهذا الذي ذكره من غير تلك الأشياء الثلاثة أيضا فما معنى تخصيص تلك الثلاثة بالذكر ، وقدم الإجارة ; لأن المنافع ثبت لها حكم المال لضرورة بخلاف الكتابة ، والكلام في المكاتب من أوجه : الأول في معناها لغة ، الثاني في معناها شرعا ، والثالث في ركنها ، والرابع في شرط جوازها ، والخامس في دليلها ، والسادس في حكم حكمها ، والسابع في صفتها ، والثامن في حقيقتها ، والتاسع في سببها ، والعاشر في حكمها فهي لغة مشتقة من الكتب وهو الضم والجمع وسمي الخط كتابة لما فيه من ضم الحروف بعضها إلى بعض وهو اسم مفعول من كاتب أو كتب كتابة ومكاتبة والمولى مكاتب بكسر التاء وشرعا فهي جمع مخصوص وهو جمع حرية الرقيق في المآل إلى حرية اليد في الحال الإيجاب والقبول وارتباط أحدهما بالآخر وركنها قيام الرق وكون المسمى معلوما ودليلها من القرآن قوله تعالى { ، وشرط جوازها فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } واختلف في الخير قيل هو أن لا يضر بالمسلمين ، وقيل الوفاء والأمانة ، وقيل المال ومن الحديث .
قوله صلى الله عليه وسلم { } : من كاتب عبدا على مائة أوقية فأداها إلا عشر أوقية فهو عبد أنه عقد مندوب إليه مع الصالح والطالح وصفتها انفكاك الحجر وثبوت حرية اليد وحكمها في جانب المولى ثبوت حق المطالبة بالبدل على ما وقع عليه وحكمها رغبة المولى في بدل الكتابة عاجلا وفي ثواب العتق آجلا ورغبة العبد في الحرية وأحكامها آجلا وعاجلا قال رحمه الله ( هي تحرير المملوك يدا في الحال ورقبة في المآل ) فقوله تحرير جنس دخل فيه تحرير الرقبة وتحرير اليد فقوله يدا أخرج تحرير الرقبة وأفاد أن له يدا معتبرة فلو كاتب صغيرا لا يعقل لم يجز كما سيأتي وقوله في الحال يتعلق بيد وأخرج بقوله ورقبة في المآل العتق المنجز والمعلق ، وهذا تعريف بالحكم ، ولو أراد التعريف بالحقيقة لقال هي عقد يرد على تحرير اليد . وسببها