( قوله : ولو سقطت ) لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى تجب مع اليسار ، وقد حصلت الكفاية بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي ; لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى ولم أر من صرح بأنه يأثم ومقتضى وجوبها أنه يأثم بتركها إذا طلبها صاحبها وامتنع مع أنهم قالوا إنها لا تجب إلا بالقضاء أو الرضا كما قدمناه عن الذخيرة ; ولذا ليس لمن هي له أن يأخذها بغير قضاء ولا رضا وصرح قضى بنفقة الولاد والقريب ومضت مدة الخصاف في أدب القاضي بأنها لا تجب إلا بالقضاء للاختلاف فيها واستشكله السروجي في الغاية من حيث إنهم جعلوا القاضي نفسه هو الذي أوجب هذه النفقة والقاضي ليس بمشرع وما ذاك إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وانقطع من بعده فهو مشكل جدا وتبعه على ذلك الطرسوسي في أنفع الوسائل ، وقال لم قيل إن الوجوب يثبت بقوله تعالى { : وعلى الوارث مثل ذلك } فقضاء القاضي إعانة له كما في نفقة الأولاد كيف وأنهم قد استدلوا في أصل المسألة بهذه الآية على وجوب نفقة القريب وكلمة على للإيجاب ولا يعكر على هذا اختلاف [ ص: 234 ] العلماء ; لأن المسائل الاختلافية يعمل فيها على الاختلاف ولا يكون الاختلاف مؤثرا في عدم القبول فإن ذلك كان واجبا قبل القضاء كما قلنا في نفقة المبتوتة إنه يقضي بها باعتبار أنها ثابتة قبل القضاء والقضاء إعانة لا أن تعيين القاضي مثبت لها ، وكذا بقية المسائل الخلافية ولم يظهر لي الموجب لفرارهم من هذا ا هـ .
وفي البدائع أن شرط وجوب نفقة القريب الطلب والخصومة بين يدي القاضي في نفقة غير الولاد فلا تجب بدونه ; لأنها لا تجب بدون قضاء القاضي والقضاء لا بد له من الطلب والخصومة ا هـ .
وهو صريح في أن الطلب من غير أن يكون بين يدي القاضي لا يكون موجبا وأطلق المصنف في المدة وهي مقيدة بالكثيرة أما القليلة فلا تسقط وهي ما دون الشهر كما ذكره في الذخيرة وتبعها الشارحون ; لأنها لو سقطت بالمدة اليسيرة لما أمكنهم استيفاؤها وفي فتح القدير وكيف لا تصير القصيرة دينا والقاضي مأمور بالقضاء ، ولو لم تصر دينا لم يكن بالأمر بالقضاء فائدة ، ولو كان كلما مضى سقط لم يمكن استيفاء شيء ومثل هذا قدمناه في غير المفروضة من نفقات الزوجات ا هـ .
وأطلق في نفقة الولاد فشمل الأصول والفروع الصغار والكبار واستثنى في الذخيرة معزيا إلى الحاوي وأقره عليه الزيلعي نفقة الصغير فإنها تصير دينا على الأب بقضاء القاضي بخلاف نفقة سائر الأقارب وفي الواقعات ، وإذا فرض نفقة الأب أو الابن فلم يقبض سنين ، ثم أيسر أو مات تبطل ; لأن هذا صلة من وجه فلا يصير دينا من كل وجه ا هـ .
ولا يخفى أن تعليق البطلان على اليسار أو الموت ليس بقيد لما ذكرناه .
( قوله إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة ) يعني فلا تسقط بمضي المدة ; لأن القاضي له ولاية عامة فصار إذنه كأمر الغائب فتصير دينا في ذمته ، وقد أخل المصنف بقيد لا بد منه وهو الاستدانة والإنفاق مما استدانه كما قيده في المبسوط والنهاية وغيرهما حتى قالالطرسوسي ولقد غلط بعض الفقهاء هنا في مفهوم كلام صاحب الهداية ، وقال إذا أذن القاضي في الاستدانة ولم يستدن فإنها لا تسقط ، وهذا غلط ، بل معنى الكلام أذن القاضي في الاستدانة واستدان ا هـ .
قال في المبسوط فلو أنفق بعد الإذن [ ص: 235 ] بالاستدانة من ماله أو من صدقة تصدق بها عليه فلا رجوع له عليه لعدم الحاجة ا هـ .
وصرح في الذخيرة في نفقة الأولاد الصغار أنهم إذا أكلوا من مسألة الناس فلا رجوع لأمهم على الأب بشيء فلو أعطوا نصف الكفاية واستدانت الأم لهم النصف رجعت بما استدانت ، وقد قدمناه وأفاد المصنف بعدم سقوطها بعد الاستدانة المأذون فيها أنه لو مات من عليه النفقة بعد ذلك لا تسقط على الصحيح ، بل تؤخذ من تركته وأن دينها حينئذ مانع من وجوب الزكاة ; لأنه دين له مطالب من جهة العباد وفي الخانيةتجبر الأم على الإنفاق ، ثم ترجع بذلك على الزوج ا هـ . رجل غاب ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولأمهم مال
ولم يشترط الاستدانة ولا الإذن بها فيفرق بين ما إذا أنفقت عليهم من مالها وبين ما إذا أكلوا من المسألة وفي البزازية رجعت عليه فإن لم ترجع عليه حتى مات لا تأخذه من تركته في الصحيح وإن أنفقت عليه من مالها أو من المسألة من الناس لا ترجع على الأب ، وكذا في نفقة المحارم ا هـ . قالت الأم للقاضي افرض نفقة هذا الصغير على أبيه ومرني حتى أستدين عليه ففعله القاضي فإذا استدانت عليه وأيسر
ثم اعلم أن بشروطه يضرب ولا يحبس بخلاف الممتنع [ ص: 236 ] من سائر الحقوق ; لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس ; لأنه يفوت بمضي الزمان فيستدرك بالضرب بخلاف سائر الحقوق ، كذا في البدائع . الممتنع من نفقة القريب المحرم
[ ص: 234 ]