والحاصل أن من أعظم معجزات أبا حنيفة النعمان المصطفى [ ص: 56 ] بعد القرآن ، وحسبك من مناقبه اشتهار مذهبه ما قال قولا إلا أخذ به إمام من الأئمة الأعلام ، وقد جعل الله الحكم لأصحابه وأتباعه من زمنه إلى هذه الأيام ، إلى أن يحكم بمذهبه عيسى عليه السلام ، [ ص: 57 ] وهذا يدل على أمر عظيم اختص به من بين سائر العلماء العظام ، كيف لا وهو كالصديق رضي الله عنه ، له أجره وأجر [ ص: 58 ] من دون الفقه وألفه وفرع أحكامه على أصوله العظام ، إلى يوم الحشر والقيام . وقد اتبعه على مذهبه كثير من الأولياء الكرام ، ممن اتصف بثبات المجاهدة ، وركض في ميدان المشاهدة كإبراهيم بن أدهم وشقيق البلخي ومعروف الكرخي وأبي يزيد البسطامي وفضيل بن عياض ، [ ص: 59 ] وداود الطائي وأبي حامد اللفاف وخلف بن أيوب وعبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وأبي بكر الوراق ، وغيرهم ممن لا يحصى لبعده أن يستقصى ، فلو وجدوا فيه شبهة ما اتبعوه ، ولا اقتدوا به ولا وافقوه .