[ ص: 439 ] كتاب قطع السرقة
بفتح السين وكسر الراء ، ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها ، وهي لغة أخذ الشيء خفية ، وشرعا : أخذ مال خفية من حرز مثله بشرائط تأتي .
والأصل في القطع بها قبل الإجماع قوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وغيره مما يأتي .
لا يقال : لو حذف قطع كما حذف حد من كتاب الزنى لكان أعم ليتناول أحكام نفس السرقة ; لأنا نقول : لما كان القطع هو المقصود بالذات وما عداه هنا بطريق التبع له فذكره لذلك ، ولا يعارضه صنيعه في كتاب الزنى ; لأنهما صيغتان لكل ملحظ سرقة كذا وقع في عبارتهم وهو صحيح ، إذ المراد بالسرقة الثانية مطلق الأخذ خفية وبالأولى الأخذ خفية من حرز ، وسارق ومسروق ، ولطول الكلام فيه بدأ به فقال وأركان السرقة الموجبة للقطع أي مثقال ذهب مضروبا كما في الخبر المتفق عليه ، وشذ من قطع بأقل منه ، وأما خبر { ( يشترط لوجوبه في المسروق ) أمور ( كونه ربع دينار ) } [ ص: 440 ] فمحمول على بيضة الحديد ، وحبل يساوي نصابا أو الجنس ، أو أن من شأن السرقة تدرج صاحبها من القليل إلى الكثير حتى تقطع يده ( خالصا ) وإن تحصل من مغشوش ، بخلاف الربع المغشوش ; لأنه ليس ربع دينار حقيقة ( أو قيمته ) أي مقوما به ، فإن لم يعرف قيمته بالدنانير قوم بالدراهم ثم هي بالدنانير ، فإن لم يكن بمحل السرقة دنانير انتقل لأقرب محل إليها فيه ذلك كما هو قياس نظائره ، ويقطع بربع دينار قراضة ( ولو ) لعن الله السارق يسرق البيضة أو الحبل فتقطع يده فاندفع القول بأن سبيكة مؤنث فلا يصح كونه نعتا لربع أو حليا ( لا يساوي ربعا مضروبا فلا قطع ) به ( في الأصح ) نظرا إلى القيمة فيما هو كالسلعة ، والثاني ينظر إلى الوزن ، ولو ( سرق ربعا ) ذهبا ( سبيكة ) فلا قطع نظرا إلى الوزن . سرق خاتما وزنه دون ربع وقيمته بالصنعة ربع
والحاصل أن الذهب يعتبر فيه أمران الوزن وبلوغ قيمته ربع دينار مضروب وغيره يعتبر فيه القيمة فقط فقول الشارح والتقويم يعتبر بالمضروب ، فلو فلا قطع به لا يخالفه ما قررناه . سرق شيئا يساوي ربع مثقال من غير المضروب كالسبيكة والحلي ولا يبلغ ربعا مضروبا
نعم قوله من غير المضروب متعلق بيساوي ، ولو اختلفت قيمة نقدين خالصين اعتبر أدناهما لوجود الاسم على أحد وجهين ، ويفرق بينه وبين ما مر فيما لو نقص النصاب في ميزان وتم في آخر بأن الوزن أمر حسي والتقويم أمر اجتهادي واختلاف الحسي أقوى فأثر دون اختلاف الاجتهادي ، لكن الأوجه تقويمه بالأعلى درءا للقطع وعليه فلا قطع ، ولا بد من قطع المقوم وإن كان مستند شهادته الظن ، وبه فارق شاهدي القتل فإن مستند شهادتهما المعاينة فلم يحتج للقطع منهما وإن استوى البابان في أن الشهادة في كل إنما تفيد الظن لا القطع ، فاندفع ما للبلقيني هنا ، وأن لا يتعارض بينتان وإلا أخذ بالأقل ( ولو ) مثلا ( لا تساوي ربعا قطع ) لوجود سرقة الربع [ ص: 441 ] مع قصد السرقة ولا أثر للظن ، ولهذا لو سرق دنانير ظنها فلوسا ، وكذا ما ظنه له ; لأنه لم يقصد أصل السرقة ( وكذا ثوب رث ) بالمثلثة ( في جيبه تمام ربع جهله في الأصح ) لما مر ، وكونه هنا جهل جنس المسروق لا يؤثر لما تقرر أنه قصد أصل السرقة فلم يفترق الحال بين الجهل بالجنس هنا وبالصفة ، والثاني ينظر إلى جهله المذكور . سرق فلوسا لا تساوي ربعا لم يقطع وإن ظنها دنانير