( وفي ) ولو عين أخفش وهو من يبصر ليلا فقط ، وأعشى وهو من يبصر نهارا فقط لما مر أن من بعينه بياض لا ينقص الضوء تكمل فيها الدية ( نصف دية ) كالسمع ( فلو فقأها ) بالجناية المذهبة للضوء ( لم يزد ) لها حكومة ; لأن الضوء في جرمها ( وإن ) إبطال ( ضوء كل عين ) ( سئل ) أولا ( أهل الخبرة ) هنا ولا يمين لا في السمع ; إذ لا طريق لهم فيه بخلاف ما هنا فإن لهم طريقا فيه ، فإنهم إذا أوقفوا الشخص في مقابلة عين الشمس ونظروا في عينه عرفوا أن الضوء ذاهب أو قائم ، بخلاف السمع لا يراجعون فيه ; إذ لا طريق لهم إلى معرفته ، ولا ينافي ذلك ما مر من التعويل على إخبارهم ببقاء السمع في مقره وفي تقديرهم مدة لعوده ; لأنه لا يلزم من أن لهم طريقا إلى بقائه الدال عليه نوع من الإدراك أو عوده بعد زواله الدال عليه الامتحان أن لهم طريقا إلى زواله بالكلية ; إذ لا علامة عليه غير الامتحان فعمل به دون سؤالهم ، بخلاف البصر يعرف زواله [ ص: 337 ] بسؤالهم وبالامتحان ، بل الأول أقوى ومن ثم قال ( أو يمتحن ) بعد فقد خبيرين منهم أو توقفهم عن الحكم بشيء ( بتقريب ) نحو ( عقرب أو حديدة من عينه بغتة ، ونظر هل ينزعج ) فيحلف الجاني لظهور كذب خصمه أو لا فيحلف المجني عليه لظهور صدقه ؟ وما تقرر من حمل أو في كلامه على التنويع لا التخيير هو المعتمد كما ذكره ( ادعى ) المجني عليه ( زواله ) وأنكر الجاني البلقيني وغيره ، وقال الأذرعي : إن المذهب تعين سؤالهم لضعف الامتحان ; إذ يعلو البصر أغشية تمنع انتشار الضوء مع وجوده فتعين أنه لا يرجع إليه إلا بعد تعذر أهل الخبرة ، ولذا ضعف في الشرح الصغير ما ذكره المتولي من أن الخيرة للحاكم ( وإن نقص فكالسمع ) ففي نقص البصر من العينين معا إن عرف بأن كان يرى لحد فصار يرى لنصفه قسطه ، وإلا فحكومة ، ومن عين تعصب هي ويوقف شخص في محل يراه ويؤمر بالتباعد حتى يقول : لا أراه فتعرف المسافة ثم تعصب الصحيحة وتطلق العليلة ويؤمر بأن يقرب راجعا إلى أن يراه فيضبط ما بين المسافتين ، ويجب قسطه من الدية ، ولو اتهم بزيادة الصحيحة ونقص العليلة امتحن في الصحيحة بتغيير ثياب ذلك الشخص وبالانتقال لبقية الجهات ، فإن تساوت الغايات فصادق وإلا فلا ، ويأتي نحو ذلك في السمع وغيره ، لكنهم في السمع صوروه بأن يجلس بمحل ويؤمر برفع صوته من مسافة بعيدة عنه بحيث لا يسمعه ثم يقرب منه شيئا فشيئا إلى أن يقول سمعته فيعلم ، وهذا يخالف ما مر في تصوير البصر بأمره بالتباعد أولا في محل يراه فيحتمل أنه تصوير فقط ، ويحتمل أنه تقييد وهو أوجه ، ويفرق بأن البصر يحصل له تفرق وانتشار عند البعد فلا يتيقن أول رؤيته حينئذ فأمر فيه بالقرب أولا لتيقن الرؤية وليزول احتمال التفرق ، بخلاف السمع فإنه إذا حصل فيه طنين ثم أمر بالتباعد فيستصحب ذلك الطنين القار فيه فلا ينضبط منتهاه يقينا ، بخلاف ما إذا فرع السمع أولا وضبط فإنه يتيقن منتهاه فعملوا في كل منهما بالأحوط