( فصل ) في شروط القود
ووطأ لها بمسائل يستفاد منها بعض شروط أخرى كما لا يخفى على المتأمل ، إذا : أي هل هو حربي أو ذمي فذكره الظن تصوير ، أو أراد به مطلق التردد أو الإشارة لخلاف كأن كان عليه زي الكفار أو رآه يعظم آلهتهم ( بدار الحرب ) وإثبات إسلامه مع هذين ; لأن الأصح أن التزيي بزيهم غير ردة مطلقا ، وكذا تعظيم آلهتهم في دار الحرب لاحتمال إكراه أو نحوه . ( قتل ) مسلم ( مسلما ظن كفره ) يعني حرابته أو شك فيها
وأما جعل الرافعي الأول ردة مع ذكره له هنا كذلك فلعله جرى على مقالة غيره أو على قصد مجرد التصوير أو محل كلامه في غير دار الحرب لما تقرر في الثاني بل أولى ( فلا قصاص ) لوضوح العذر ( وكذا لا دية في الأظهر ) وإن لم يعهد حرابته ; لأنه أسقط حرمة نفسه وثبوتها مع الشبهة محله في غير ذلك ، نعم تجب الكفارة جزما ; لأنه مسلم في الباطن ولم تصدر منه جناية تقتضي إهداره مطلقا .
والثاني تجب الدية لثبوتها مع الشبهة وخرج بظن حرابته الصادق [ ص: 265 ] بعهدها وعدمه كما تقرر ما لو انتفى ظنها وعهدها ، فإن عهد أو ظن إسلامه ولو بدارهم أو شك فيه وكان بدارنا لزمه القود لتقصيره أو بدارهم أو بصفهم فهدر لما مر ، وشرط القود بل الضمان علم محل المسلم ومعرفة عينه ، فإن لم يعرفه أو قصد كافرا فأصابه أو شخصا فكان هو فهدر ، وإن علم أن في دارهم مسلما كما لو قتله في بيات أو إغارة ولم يظن إسلامه لعذره في الكل ، وبقولنا مسلم ذمي لم يستعن به المسلمون فيقتل به كما قاله البلقيني ، وذكر أن في نص ما يشهد له ( أو ) قتل من ظن حرابته ولم يعهدها ( بدار الإسلام ) ولم يكن في صف الحربيين ولم يره يعظم آلهتهم كما علم مما مر ( وجبا ) أي القود والدية على البدل كما يأتي ; لأن الظاهر من حال من بدارنا العصمة ، وإن كان على زيهم ( وفي القصاص قول ) أنه لا يجب بل الدية ومحله حيث عهده حربيا فإن ظنه حربيا قتل قطعا بخلاف من بدار الحرب فإنه يكفي ظن كونه حربيا وإن لم يعهده نظرا للدار . الشافعي
أما مجرد ظن الكفر فيجب معه القود مطلقا ( أو ) أي أنه أسلم أو عتق أو لم يقتل أباه ( فالمذهب وجوب القصاص ) عليه لوجود مقتضيه وعده أو ظنه لا يبيح له ضربا ولا قتلا ، ولو في المرتد ; لأن قتله للإمام ، وفارق ما مر في الحربي بأنه يخلى بالمهادنة [ ص: 266 ] والمرتد لا يخلى فتخليته دليل على عدم ردته ، أما لو عهده حربيا فقتله بدارنا فلا قود لاستصحاب كفره المتيقن فهو كما قتله بدارنا في صفهم ، وفيما عدا الأولى قول بعدم الوجوب طرد في الأولى ، وفيما عدا الأخيرة طريق قاطع بالوجوب بحث قتل ( من عهده ) أو ظنه ( مرتدا أو ذميا ) يعني كافرا غير حربي ولو بدارهم ( أو عبدا أو ظنه قاتل أبيه فبان خلافه ) الرافعي مجيئه في الأخيرة ، ولو قتل مسلما تترس به المشركون بدارهم لزمته ديته إن علم إسلامه وإلا فلا ( ولو ) دون الصحيح غالبا ( وجب القصاص ) لتقصيره ; إذ جهله لا يبيح ضربه ، فإن عفا عن الدية وجب جميعها على الضارب ، وإن فرض أن للمرض دخلا في القتل ( وقيل لا ) يجب ; لأن ما أتى به ليس بمهلك عنده ، ورد بأنه لا اعتبار بظنه مع تحريم الضرب عليه ومن ثم لم يلزم نحو مؤدب ظن أنه صحيح وطبيب سقاه دواء على ما يأتي لظنه أنه محتاج إليه إلا ديته : أي دية شبه عمد كما لا يخفى ، ولو علم مرضه أو كان ضربه يقتل الصحيح أيضا وجب القود قطعا . ( ضرب ) من لم يبح له الضرب ( مريضا جهل مرضه ضربا يقتل المريض )