( ولو ) ( فعليه ) أي المكره بالكسر ولو إماما أو متغلبا ، ومنه آمر خيف من سطوته لاعتياده فعل ما يحصل به الإكراه لو خولف فأمره كالإكراه ( القصاص ) وإن كان المكره نحو مخطئ ، ولا نظر إلى أن المكره متسبب والمكره مباشر ، ولا إلى أن شريك المخطئ لا قود عليه ; لأنه معه كالآلة ، إذ الإكراه يولد داعية القتل في المكره فيدفع عن نفسه ويقصد به الإهلاك غالبا ، ولا يحصل الإكراه هنا إلا بضرب شديد فما فوقه له إلا لنحو ولده ، وكذا على المكره بالفتح حيث لم يكن أعجميا يعتقد وجوب طاعة آمره أو مأمور الإمام أو زعيم بغاة لم يعلم ظلمه بأمره بالقتل ( في الأظهر ) لإيثاره نفسه بالبقاء وإن كان كالآلة فهو كمضطر قتل غيره ليأكله ولعدم تقصير المجني عليه . ( أكرهه على ) قطع أو ( قتل ) لشخص بغير حق كاقتل هذا وإلا قتلتك فقتله
والثاني لا قصاص عليه لخبر { } ولأنه آلة للمكره فصار كما لو ضربه به ، وقيل لا قصاص على المكره بكسر الراء ; لأنه متسبب ، بل على المكره [ ص: 259 ] بفتحها فقط ; لأنه مباشر ، وهي مقدمة ، ومحل الخلاف فيما إذا كان المكره عليه غير نبي ، فإن كان نبيا وجب على المكره بفتح الراء القصاص قطعا كما دل عليه كلامهم في المضطر ، وشمل كلامه ما إذا ظن أن الإكراه يبيحه ، وهو كذلك خلافا لما نقل عن رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه البغوي من عدم القصاص عليه حينئذ ( فإن وجبت الدية ) لنحو خطأ أو عدم مكافأة أو عفو ، وهي على غير المخطئ مغلظة في ماله وعليه مخففة على عاقلته ( وزعت عليهما ) بالسوية كالشريكين في القتل ، نعم إن كان المأمور غير مميز أو أعجميا اختصت بالآمر ، وإن كان المأمور قنه فلا يتعلق برقبته شيء بل له التصرف فيه ولو كان معسرا ; لأنه آلة محضة ( فإن كافأه أحدهما فقط ) كأن أكره حر قنا أو عكسه على قتل قن ( فالقصاص عليه ) أي المكافئ منهما ، وهو المأمور في الأول والآمر في الثاني ، وللولي تخصيص أحد المتكافئين بالقتل وأخذ حصته من الدية من الآخر ( ولو ) ( فعلى البالغ ) المذكور ( القصاص إن قلنا عمد الصبي ) والمجنون ( عمد وهو الأظهر ) إن كان لهما فهم ، فإن قلنا خطأ فلا قصاص ; لأنه شريك مخطئ ، أما الصبي فلا قصاص عليه بحال لانتفاء تكليفه ( ولو ) ( أكره بالغ ) عاقل مكافئ ( مراهقا ) أو صبيا أو مجنونا أو عكسه على قتل ففعله ( فالأصح وجوب القصاص على المكره ) بالكسر ; لأن خطأه نتيجة إكراهه فجعل معه كالآلة ; إذ لم يوجد منه ارتكاب حرمة ولا قصد فعل ممتنع يخرجه عن كونه كالآلة له . ( أكره على رمي شاخص علم المكره ) بالكسر ( أنه رجل وظنه المكره ) بالفتح ( صيدا فرماه ) فمات
والثاني لا قصاص على المكره أيضا ; لأنه شريك مخطئ ، ورد بما مر من التعليل ، ويجب على من ظن السيد مثلا نصف دية مخففة على عاقلته في أوجه الوجهين كما يؤخذ من كلام [ ص: 260 ] الأنوار توجيهه واستوجهه الشيخ وإن جزم ابن المقري بخلافه ( أو ) ( فلا قصاص على أحد ) منهما لخطئهما فعلى عاقلتهما الدية بالسوية ( أو ) أكره ( على رمي صيد ) في ظنهما ( فأصاب رجلا فمات ) ( فشبه عمد ) ; لأنه لا يقصد به القتل غالبا ، وقضيته وجوب الدية على عاقلة المكره بكسر الراء ، وهو ما جزم به في التهذيب وهو الظاهر وإن حكى أكره ( على صعود شجرة ) أو نزول بئر ( فزلق ومات ) ابن القطان في فروعه عن نص أنها في ماله ( وقيل ) هو ( عمد ) وأصله رأي الشافعي للغزالي ، وعليه فيجب القصاص لتسببه في قتله فأشبه ما لو رماه بسهم ، ومحل هذا القول إذا كانت الشجرة مما يزلق على مثلها غالبا كما ذكره المصنف في نكت الوسيط ، فإن لم تكن مما يزلق على مثلها غالبا لم يأت القول المذكور ، وحينئذ فالتقييد ذلك لمحل الخلاف خلافا لما فهمه أكثر الشراح أنه قيد لشبه العمد فيكون في هذه الحالة خطأ فافهم هذا المقام ( أو ) ( فلا قصاص في الأظهر ) لانتفاء كونه إكراها حقيقة لاتحاد المأمور به والمخوف به فكأنه اختار القتل . أكره مميزا ولو أعجميا ( على قتل نفسه ) كاقتل نفسك وإلا قتلتك فقتلها
والثاني يجب كما لو أكرهه على قتل غيره ، ويجب على الأول على الأمر نصف الدية كما جزم به ابن المقري تبعا لأصله وهو المعتمد بناء على أن المكره شريك وإن سقط عنه القصاص للشبهة بسبب مباشرة المكره قتل نفسه .
نعم لو أكرهه على قتل نفسه بما يتضمن تعذيبا شديدا كإحراق أو تمثيل إن لم يقتل نفسه كان إكراها كما جرى عليه الزاز ومال إليه الرافعي وإن نازع فيه البلقيني ، أما غير المميز فعلى مكرهه القود لانتفاء اختياره ، وبه فارق الأعجمي ; لأنه لا يجوز وجوب الامتثال في حق نفسه ، وأما غير النفس كاقطع يدك وإلا قتلتك فهو إكراه ; لأن قطعها ترجى معه الحياة