بالإجماع أي خروج عن طاعة زوجها وإن لم تأثم كصغيرة ومجنونة ومكرهة وإن قدر على ردها للطاعة فترك إلحاقا لذلك بالجناية وإطلاق دعوى أن المراد بالسقوط منع الوجوب دون حقيقته إذ لا يكون إلا بعد الوجوب ممنوعة بل المراد به حقيقته ، إذ لو نشزت أثناء يوم أو ليلته سقطت نفقته الواجبة بفجره ، أو أثناء فصل سقطت كسوته الواجبة بأوله ، وعلم من ذلك سقوطها لما بعد يوم وفصل النشوز بالأولى ، ولو ( وتسقط ) المؤن كلها ( بنشوز ) منها رجع عليها إن كان ممن يخفى عليه ذلك كما هو قياس نظائره ، وإنما لم يرجع من نكح أو اشترى فاسدا وإن جهل ذلك : أي وإن لم يستمتع بها لأنه شرع في عقدهما على أن يضمن ذلك بوضع اليد ولا كذلك هنا ، ويحصل ( ولو ) بحبسها ظلما أو حقا وإن كان الحابس هو الزوج كما اقتضاه كلام جهل سقوطها بالنشوز فأنفق ابن المقري واعتمده الوالد رحمه الله تعالى ، ويؤخذ منه بالأولى سقوطها بحبسها له ولو بحق للحيلولة بينه وبينها كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، أو باعتدادها بوطء شبهة أو بغضبها أو ( بمنع ) الزوجة الزوج من نحو ( لمس ) أو نظر بتغطية وجهها ، أو توليتها عنه وإن مكنته من الجماع ( بلا عذر ) لأنه حقه كالوطء بخلافه بعذر كأن يكون بفرجها [ ص: 206 ] جراحة وعلمت أنه متى لمسها واقعها ( وعبالة زوج ) بفتح العين : أي كبر ذكره بحيث لا تحتمله ( أو مرض ) بها ( يضر معه الوطء ) أو نحو حيض ( عذر ) في عدم تمكينها من الوطء فتستحق المؤن وتثبت عبالته بأربع نسوة ، فإن لم تمكن معرفتها إلا بنظرهن إليهما مكشوفي الفرجين حال انتشار عضوه جاز ليشهدن ، وليس لها امتناع من زفاف لعبالة بخلاف المرض لتوقع شفائه ( والخروج من بيته ) أي من محل رضي بإقامتها به ولو بيتها أو بيت أبيها كما هو ظاهر ولو لعيادة وإن كان غائبا بتفصيله الآتي ( بلا إذن ) منه ولا ظن رضاه عصيان و ( نشوز ) إذ له حق الحبس في مقابلة المؤن ، وأخذ الرافعي وغيره من كلام الإمام أن لها اعتماد العرف الدال على رضا أمثاله بمثل الخروج الذي تريده ، نعم لو علم مخالفته لأمثاله في ذلك فلا ( إلا أن يشرف ) البيت أو بعضه الذي يخشى منه كما هو واضح ( على انهدام ) والمتجه عدم قبول قولها خشيت انهدامه مع نفي القرينة أو تخاف على نفسها أو مالها كما هو ظاهر من فاسق أو سارق ، ويتجه أن الاختصاص الذي له وقع كذلك ، أو تحتاج إلى الخروج لقاض تطلب عنده حقها أو لتعلم أو استفتاء إن لم يغنها الزوج الثقة : أي أو نحو محرمها كما هو ظاهر أو يخرجها معير المنزل أو متعد ظلما أو يهددها بضرب فتمتنع فتخرج خوفا منه إن تعين طريقا ، فخروجها حينئذ ليس بنشوز لعذرها فتستحق النفقة ما لم يطلبها لمنزل لائق فتمتنع ، والأوجه تصديقها بيمينها في عذر ادعته إن كان مما لا يعلم إلا منها كالخوف مما ذكر وإلا فلا بد من إثباته ، ولا يشكل ما تقرر هنا من إخراج المتعدي لها بحبسها ظلما لإمكان الفرق بأن نحو الحبس مانع عرفا ، بخلاف مجرد إخراجها من منزلها .
كما هو ظاهر لكن بشرط أمن الطريق والمقصد ، وأن لا يكون السفر في البحر الملح ما لم يغلب فيه السلامة ولم يخش من ركوبه محذور تيمم أو يشق مشقة لا تحتمل عادة ، وعلى هذا التفصيل الذي ذكره ومن النشوز أيضا امتناعها من السفر معه ولو لغير نقلة البلقيني واعتمده غيره يحمل إطلاق جمع منهم القفال المنع ، وجرى عليه في الأنوار وكذا وابن الصلاح الإسنوي بل زاد أنه يحرم إركابها ولو بالغة ( وسفرها بإذنه معه ) ولو لحاجتها أو حاجة أجنبي ( أو ) بإذنه وحدها ( لحاجته ) ولو مع حاجة غيره على ما يأتي ( لا يسقط ) مؤنها لتمكينها وهو المفوت لحقه في الثانية ، وخرج بقوله بإذنه سفرها معه بدونه لكن صححا [ ص: 207 ] وجوبها هنا أيضا لأنها تحت حكمه وإن أثمت ، وبحث الأذرعي أن محله إن لم يمنعها وإلا فناشزة .
قال البلقيني وهو التحقيق ، لكنه قال : إن لم يقدر على ردها ، والأقرب أنه مجرد تصوير لا قيد لما مر من عدم الفرق بين قدرته على ردها للطاعة وأن لا ( و ) سفرها ( لحاجتها ) أو حاجة أجنبي بإذنه لا معه ( يسقط ) مؤنها ( في الأظهر ) لانتفاء التمكين .
أما بإذنه لحاجتهما فمقتضى قولهم في إن خرجت لغير الحمام فأنت طالق فخرجت له ولغيره لم تطلق عدم السقوط وهو كذلك وإن اعتمد البلقيني وغيره مقابله ونسب لنص الأم والمختصر ، والثاني تجب لأنها سافرت بإذنه فأشبه سفرها في حاجته ، ولو امتنعت من النقلة معه لم تجب مؤنها إلا إن كان يتمتع بها في زمن الامتناع فتجب ويصير تمتعه بها عفوا عن النقلة حينئذ كما في الجواهر وغيرها عن الماوردي وأقروه وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، وما مر في مسافرة معه بغير إذنه من وجوب نفقته بتمكينها وإن أثمت بعصيانه صريح فيه ، وقضيته جريان ذلك في سائر صور النشوز وظاهر كلام الماوردي أنها لا تجب إلا زمن التمتع دون غيره ، نعم يكفي في وجوب نفقة اليوم تمتع لحظة منه وكذا الليل ( ولو نشزت ) كأن خرجت من بيته أو منعته من تمتع مباح ( فغاب فأطاعت ) في غيبته بنحو عودها لبيته ( لم تجب ) مؤنها ما دام غائبا ( في الأصح ) لخروجها عن قبضته فلا بد من تجديد تسليم وتسلم ولا يحصلان مع الغيبة ، وبه فارق نشوزها بالردة فإنه يزول بإسلامها مطلقا لزوال المسقط ، وأخذ منه الأذرعي أنها لو نشزت في المنزل ولم تخرج منه كأن عادت نفقتها من غير قاض وهو كذلك على الأصح ، قال : وحاصل ذلك الفرق بين النشوز الجلي والنشوز الخفي ا هـ . منعته نفسها وغاب عنها ثم عادت للطاعة
والأوجه أن مراده بعودها للطاعة إرسال إعلامه بذلك : بخلاف نظيره في النشوز الجلي ، وإنما قلنا بذلك لأن عودها للطاعة من غير علمه بعيد كما هو ظاهر ، والأقرب كما هو قياس ما مر في نظائره أن إشهادها عند غيبته كإعلامه ، ومقابل الأصح تجب لعودها إلى الطاعة فإن الاستحقاق زال بخروجها عن الطاعة فإذا زال العارض [ ص: 208 ] عاد الاستحقاق ( وطريقها ) في عود الاستحقاق ( أن يكتب الحاكم كما سبق ) في ابتداء التسليم ، فإذا علم وعاد أو أرسل من يتسلمها أو ترك ذلك لغير عذرها عاد الاستحقاق ، ولو اعتبر ثبوت النكاح وإقامتها في مسكنه وحلفها على استحقاق النفقة وأنها لم تقبض منه نفقة مستقبلة فحينئذ يفرض لها عليه نفقة معسر حيث لم يثبت أنه غيره ، والأوجه حمل ذلك على ما إذا كان له مال حاضر بالبلد تريد الأخذ منه وإلا فلا فائدة للفرض ، إلا أن يقال : يحتمل ظهور مال له تأخذ منه من غير احتياج لرفع له ( ولو خرجت ) لا على وجه النشوز ( في غيبته ) عن البلد بلا إذنه ( لزيارة ) لقريب لا أجنبي أو أجنبية فيما يظهر ( ونحوها ) كعيادة لمن ذكر بشرط عدم ريبة في ذلك بوجه كما هو ظاهر ( لم تسقط ) مؤنها بذلك لأنه لا يعد في العرف نشوزا ، وظاهر أن محل ذلك ما لم يمنعها من الخروج قبل سفره أو يرسل لها بالمنع ( والأظهر أن لا نفقة ) ولا مؤنة ( لصغيرة ) لا تحتمل الوطء وإن سلمت له لأن تعذر وطئها لمعنى قائم بها فليست أهلا للتمتع . التمست زوجة غائب من الحاكم أن يفرض لها فرضا عليه
والثاني لها النفقة لأنها حبست عنده وفوات الاستمتاع بسبب هي فيه معذورة كالمريضة والرتقاء وفرق الأول بما مر في التعليل ( و ) الأظهر ( أنها تجب لكبيرة ) أي لمن يمكن وطؤها وإن لم تبلغ كما هو ظاهر ( على صغير ) لا يمكن وطؤه إذا عرضت على وليه لأن المانع من جهته ، والثاني لا تجب لأنه لا يستمتع بها بسبب هو معذور فيه فلا يلزمه غرم ( وإحرامها بحج أو عمرة ) أو مطلقا ( بلا إذن نشوز إن لم يملك تحليلها ) على قول في الفرض لأن المانع منها ومع كونه نشوزا لا يحرم عليها فعله لخطر أمر النسك ، وبه فارق ما يأتي في الصوم ( وإن ملك ) تحليلها بأن أحرمت ولو بفرض على الأصح ( فلا ) يكون إحرامها نشوزا فتستحق المؤن لكونها في قبضته وهو قادر على تحليلها وتمتعه [ ص: 209 ] بها ، فإذا تركه فقد فوت على نفسه .
ولا يشكل هذا بما يأتي في الصوم أنه يهاب إفساد العبادة لأنه يتكرر ، فلو أمرناه بالإفساد لتكرر منه وفي ذلك ما يهيب منه ذلك ، بخلاف الإحرام فإنه نادر فلا تقوى مهابته ( حتى تخرج فمسافرة لحاجتها ) فإن كان معها استحقها وإلا فلا ، نعم من أفسد حجها بجماع وكان بإذنه يلزمها الإحرام بقضائه فورا والخروج له ولو من غير إذنه ، وحينئذ تلزمه مؤنتها بل والخروج معها ، ولا يرد ما مر من منع خروجها بغير إذنه لأن إذنه السابق استتبع الإذن في هذا ( أو ) أحرمت ( بإذن ) منه ( ففي الأصح لها نفقة ما لم تخرج ) لأنها في قبضته وفوات التمتع نشأ من إذنه فإن خرجت فكما تقرر ، والثاني لا تجب لفوات الاستمتاع ، ورد بما تقرر ، ولو أجرت عينها قبل النكاح لم يتخير ويقدم حق المستأجر لكن لا مؤنة لها مدة ذلك ( ويمنعها ) إن شاء ( صوم ) أو نحو صلاة أو اعتكاف ( نفل ) ابتداء وانتهاء ولو قبل الغروب لأن حقه مقدم عليه لوجوبه عليها وإن لم يرد تمتعه بها فيما يظهر لأنه قد تطرأ له إرادته فيجدها صائمة فيتضرر .
( فإن أبت ) وصامت أو أتمت غير نحو عرفة وعاشوراء أو صلت غير راتبة ( فناشزة في الأظهر ) فتسقط مؤن جميع مدة صومها لامتناعها مما وجب عليها من التمكين ، ولا نظر إلى تمكنه من وطئها ولو مع الصوم لأنه قد يهاب إفساد العبادة ، ومن ثم حرم صومها نفلا أو فرضا موسعا وهو حاضر بغير إذنه أو علم رضاه ، وظاهر امتناعه مطلقا إن أضرها أو ولدها الذي ترضعه ، وأخذ العراقي من هذا التعليل أنها لو اشتغلت في بيته بعمل ولم يمنعه الحياء من تبطيلها كخياطة بقيت نفقتها وإن أمرها بتركه فامتنعت إذ لا مانع من تمتعه : أي وقت أراد بخلاف تعليم صغار لأنها تستحي عادة من أخذها من بينهن وقضاء وطره منها ، فإذا لم تنته بنهيه كانت ناشزة ، أما عرفة وعاشوراء فلها فعلهما بلا إذن منه كرواتب الصلاة ويلحق بهما تاسوعاء ، بخلاف نحو الاثنين والخميس وبه يخص الخبر الحسن { } ولو نكحها صائمة تطوعا لم يجبرها على الفطر ، وفي سقوط نفقتها به وقد زفت إليه : وجهان أصحهما عدمه ، والأقرب أن المراهقة الحاضرة كالبالغ لو أرادت صوم رمضان لأنها مأمورة بصومه مضروبة على تركه ، والأوجه تقييد المنع بمن يمكنه الوطء فلا منع لمتلبس بصوم . لا تصوم المرأة يوما سوى شهر رمضان وزوجها شاهد إلا بإذنه
أو اعتكاف واجبين ، أو كان محرما أو مريضا مدنفا لا يمكنه الوقاع أو ممسوحا أو عنينا أو كانت قرناء أو رتقاء [ ص: 210 ] أو متحيرة كالغائب وأولى لأن الغائب قد يقدم نهارا فيطأ ، ولو كانا مسافرين سفرا مرخصا في شهر رمضان كان مخرجا على فعل المكتوبة في أول الوقت أولى لما في التأخير من الخطر على أوجه احتمالات في ذلك حيث لم يكن الفطر أفضل ( والأصح أن قضاءه لا يتضيق ) لكون الإفطار بعذر مع اتساع الزمن ، وقد تشمل عبارته قضاء الصلاة فيفصل فيه بين التضييق وغيره وهو الأوجه ( كنفل فيمنعها ) منه قبل شروعها فيه وبعده من غير إذنه لأنه متراخ وحقه فوري ، بخلاف ما تضيق به للتعدي بإفطاره أو لضيق زمنه بأن لم يبق من شعبان إلا ما يسعه فلا يمنعها منه ونفقتها واجبة .
والثاني أنه ليس كالنفل فلا يمنعها منه ، وله منعها من منذور صوم أو صلاة مطلق ولو قبل النكاح وبإذنه لأنه موسع .
نعم قياس ما مر في الاعتكاف من أنها لو نذرت اعتكافا متتابعا بغير إذنه ودخلت فيه بإذنه ليس له منعها استثناؤه هنا ، وكذا يمنعها من منذور معين نذرته بعد النكاح بلا إذن منه ، بخلاف ما لو نذرته قبل النكاح أو بعده بإذنه ومن صوم الكفارة إن لم تعص بسببه ( و ) الأصح ( أنه لا منع من تعجيل مكتوبة أول وقت ) لحيازة فضيلته وأخذ منه الزركشي وغيره جواز المنع إذا كان التأخير أفضل كنحو إبراد ، وبحث الأذرعي أن له المنع من تطويل زائد بل تقتصر على أكمل السنن والآداب ، وفارق ما مر في الإحرام بطول مدته .
والثاني له المنع لاتساع وقت المكتوبة وحقه على الفور ( و ) لا من ( سنن راتبة ) ولو أول وقتها كما يؤخذ من تعليلهم لتأكدها مع قلة زمنها ويمنعها من تطويلها بأن زادت على أدنى الكمال فيما يظهر لأنهم راعوا فضيلة : أول الوقت فلم تبعد رعاية هذا أيضا ، ويحتمل المنع من زيادة على أقل مجزئ ، ومعلوم أن العبرة في المسائل المختلف فيها بعقيدته لا بعقيدتها