( فصل ) في موجب المؤن ومسقطاتها
( الجديد أنها ) أي أو كل وقت اعتيد فيه التجديد أو دائما بالنسبة للمسكن والخدم على ما مر ( بالتمكين ) التام ومنه أن تقول مكلفة أو سكرانة أو ولي غيرهما متى دفعت المهر الحال سلمت ، ويثبت بإقراره أو ببينة به أو بأنها في غيبته باذلة للطاعة ملازمة للمسكن ونحو ذلك ، وخرج بالتام ما لو مكنته ليلا فقط مثلا أو في دار مخصوصة مثلا فلا نفقة لها ، وبحث المؤن السابقة من نحو نفقة وكسوة ( تجب ) يوما بيوم وفصلا بفصل الإسنوي أنه لو حصل التمكين وقت الغروب فالقياس وجوبها بالغروب .
قال الشيخ : والظاهر أن مراده وجوبها بالقسط ، فلو حصل ذلك وقت الظهر فينبغي وجوبها كذلك من حينئذ ، وخالف البلقيني فرجح عدم وجوب القسط مطلقا .
والأوجه أن المراد بالقسط توزيعها على الليل والنهار فتحسب حصة ما مكنته من ذلك وتعطاها لا على اليوم فقط ولا على وقت الغذاء والعشاء ، بل قول الإسنوي فالقياس وجوبها بالغروب صريح فيه ، إذ الظاهر أن مراده وجوبها به بالقسط لا مطلقا كما أفاده الشيخ ، ولا ينافي ذلك قولهم تسقط نفقة اليوم بليلته بنشوز لحظة ولا توزع على زماني الطاعة والنشوز لأنها لا تتجزأ ، ومن ثم سلمت دفعة فلم تفرق [ ص: 203 ] غدوة وعشية لإمكان الفرق بأنه تخلل هنا مسقط فلم يمكن التوزيع معه لتعديها به غالبا ، بخلافه ثم فإنه لا يسقط فوجب توزيعها على زمن التمكين وعدمه إذ لا تعدي هنا أصلا ، وقياس ذلك أنها لو منعته من التمكين بلا عذر ثم سلمته أثناء اليوم مثلا لم توزع ، وسيأتي عن الأذرعي ما يؤيده قال البلقيني : ومقتضى كلام الرافعي في الفسخ بالإعسار أن كما مر ، وسببه أن عشاء الناس قد يكون بعد المغرب وقد يكون قبله فلتكن ليالي النفقة تابعة لأيامها ( إلا العقد ) لأنه لا يوجب مجهولا ، والقديم تجب بالعقد كالمهر بدليل استحقاقها [ ص: 204 ] للمريضة والرتقاء فإن امتنعت سقطت ( فإن اختلفا فيه ) أي التمكين بأن ادعته وأنكره ( صدق ) بيمينه ، ومن ثم لو اتفقا عليه وادعى سقوطه بنشوزها فأنكرت صدقت لأن الأصل حينئذ بقاؤه ( فإن لم تعرض ) نفسها ( عليه مدة فلا نفقة ) لها ( فيها ) أي تلك المدة وإن لم يطالبها ولم تعلم بالعقد كأن زوجت بالإجبار كما هو ظاهر لعدم التمكين . ليلة اليوم في النفقات هي التي بعده
( وإن عرضت ) نفسها عليه إن كان مكلفا وإلا فعلى وليه بأن أرسلت له غير المحجورة أو ولي المحجورة إني ممكنة أو ممكن ( وجبت ) النفقة والكسوة ونحوها ( من بلوغ الخبر ) له لأنه المقصر حينئذ ( فإن ) ثم نشوزها كما يأتي ثم أرادت عرض نفسها لتجب لها مؤنتها رفعت الأمر للحاكم فأظهرت له التسليم ، وحينئذ ( كتب الحاكم ) وجوبا كما هو ظاهر ( لحاكم بلده ) إن عرف ( ليعلمه ) بالحال ( فيجيء ) لها ( أو يوكل ) من يتسلمها ويحملها إليه ، وتجب مؤنتها من وصوله بنفسه أو وكيله ( فإن لم يفعل ) ذلك مع قدرته عليه ( ومضى ) بعد أن بلغه ذلك ( زمن ) إمكان ( وصوله ) إليها ( فرضها القاضي ) في ماله من حين إمكان وصوله وجعل كالمتسلم لها لأن الامتناع منه ، أما لو لم يعرف فليكتب لحكام البلاد التي تردها القوافل عادة من تلك البلدة ليطلب وينادي باسمه ، فإن لم يظهر فرض الحاكم نفقتها الواجبة على المعسر ما لم يعلم أنه بخلافه في ماله الحاضر ، ويجوز له أن يفرض دراهم ويأخذ منها كفيلا بما تأخذه منه لاحتمال عدم استحقاقها كما أفتى به ( غاب ) الزوج عن بلدها ابتداء أو بعد تمكينها الوالد رحمه الله تعالى ، فإن لم يكن له مال حاضر اتجه اقتراضه عليه أو إذنه لها في الاقتراض .
أما إذا منعه من السير أو التوكيل عذر فلا يفرض عليه شيء لانتفاء تقصيره ، ورجح الأذرعي وغيره قول الإمام يكتفي بعلمه من غير جهة الحاكم ولو بإخبار من تقبل روايته ( والمعتبر في مجنونة ومراهقة ) قيل الأحسن ومعصر لأن المراهقة وصف مختص [ ص: 205 ] بالغلام يقال غلام مراهق وجارية معصر ( عرض ولي ) لها لا هي لأنه المخاطب بذلك ، نعم لو تسلم المعصر بعد عرضها نفسها وصار بها في منزله لزمته مؤنتها ، ويتجه كما قاله الأذرعي أن نقلها لمنزله ليس بشرط بل الشرط التسليم التام ، والأوجه أن عرضها نفسها عليه غير شرط أيضا بل متى تسلمها ولو كرها عليها وعلى وليها لزمه مؤنته ، وكذا تجب بتسليم البالغة نفسها لزوج مراهق فتسلمها هو وإن لم يأذن وليه لأن له يدا عليها بخلاف نحو مبيع له