الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 143 ] ( فصل ) في حكم معاشرة المفارق للمعتدة ( عاشرها ) أي المفارقة بطلاق أو فسخ معاشرة ( ك ) معاشرة ( زوج ) لزوجته بأن كان يختلي بها ويتمكن منها ولو في بعض الزمن ( بلا وطء ) أو معه ، والتقييد بعدمه إنما هو لجريان الأوجه الآتية كما يفهمه عللها ( في عدة أقراء أو أشهر فأوجه ) ثلاثة : أولها تنقضي مطلقا ، ثانيها لا مطلقا ، ثالثها وهو ( أصحها إن كانت بائنا انقضت ) عدتها مع ذلك لانتفاء شبهة فراشه .

                                                                                                                            ومن ثم لو وجدت بأن جهل ذلك وعذر لم تنقض كالرجعية في قوله ( وإلا ) بأن لم تكن بائنا ( فلا ) تنقضي ، لكن إذا زالت المعاشرة أتمت على ما مضى وذلك لشبهة الفراش ، كما لو نكحها جاهلا في العدة لا يحسب زمن استفراشه عنها بل تنقطع من حين الخلوة ولا يبطل بها ما مضى فتبني عليه إذا زالت ولا تحسب الأوقات المتخللة بين الخلوات ( و ) في هذه ( لا رجعة ) له عليها ( بعد ) مضي ( الأقراء أو الأشهر ) وإن لم تنقض عدتها ( قلت : ويلحقها الطلاق إلى انقضاء العدة ) احتياطا فيهما وتغليظا عليه لتقصيره وهذا هو المفتى به ، وحينئذ فهي كالبائن بعد مضي عدتها الأصلية إلا في لحوق الطلاق خاصة فلا توارث بينهما ، ولا [ ص: 144 ] يصح منها إيلاء ولا ظهار ولا لعان ولا نفقة ، ولا كسوة لها ، وتجب لها السكنى ، ولا يحد بوطئها كما مر ، ورجحه البلقيني في النفقة ، وأفتى بجميعه الوالد رحمه الله تعالى ( ولو عاشرها أجنبي ) فيها بلا وطء كمعاشرة الزوج ( انقضت ) العدة ( والله أعلم ) لعدم الشبهة .

                                                                                                                            أما إذا عاشرها بشبهة ككونه سيدها كان كمعاشرة الرجعية .

                                                                                                                            وأما معاشرتها بوطء ، فإن كان زنا لم تؤثر أو بشبهة فهو كما في قوله الآتي ولو نكح معتدة إلى آخره ، وخرج بأقراء أو أشهر عدة الحمل فتنقضي بوضعه مطلقا لتعذر قطعها ( ولو نكح معتدة ) لغيره ( بظن الصحة ووطئ انقطعت ) عدتها لغيره ( من حين وطء ) لحصول الفراش بوطئه ، بخلاف ما إذا لم يطأ وإن عاشرها لانتفاء الفراش ، إذ مجرد العقد الفاسد لا حرمة له ( وفي قول أو وجه ) وهو الأثبت ، ومن ثم جزم به في الروضة ينقطع ( من ) حين ( العقد ) لإعراضها به عن الأولى ( ولو ) ( راجع حائلا ثم طلق ) ها ( استأنفت ) العدة وإن لم يطأ بعد الرجعة لعودها بها للنكاح الذي وطئت فيه ( وفي القديم ) وحكي جديدا ( تبني إن لم يطأ ) ها بعد الرجعة ، وخرج براجع ثم طلق طلاقه الرجعية في عدتها فإنها تبني على العدة الأولى ( أو ) راجع ( حاملا ) ثم طلقها ( فبالوضع ) تنقضي عدتها وإن وطئ بعد الرجعة لإطلاق الآية ( فلو وضعت ) بعد الرجعة ( ثم طلق استأنفت ) عدة وإن لم يطأ بعد الرجعة لما مر أنها بها عادت لما وطئت فيه ( وقيل إن لم يطأها بعد الوضع ) ولا قبله ( فلا عدة ولو ) ( خالع موطوءة ثم نكحها ) في العدة ( ثم وطئ ثم طلق ) ( استأنفت ) عدة لأجل الوطء ( ودخل فيها البقية ) من العدة الأولى لو فرض بقية منها ، وإلا فهي قد ارتفعت من أصلها بالنكاح والوطء بعده ، ومن ثم لو لم يوجد وطء بنت على ما سبق من الأولى وكملتها ولا عدة لهذا الطلاق لأنه قبل الوطء .

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية