[ ص: 107 ] ( فصل ) في الإقرار بالنسب
وهو مع الصدق واجب ومع الكذب في ثبوته أو نفيه حرام ، وما صح في الخبر من أنه كفر محمول على مستحله أو على كفر النعمة إذا ( إن ألحقه بنفسه ) من غير واسطة كهذا أبي أو ابني لا أمي لسهولة إقامة البينة بولادتها على ما قاله في الكفاية والأصح خلافه ، ولو ( أقر ) بالغ عاقل ولو سكران ذكر مختار وإن كان سفيها قنا كافرا ( بنسب ) فلغو أخذا من قولهم كل تصرف قبل التعليق صح إضافته لبعض محله بخلاف ما لا يقبله كما هنا وهذا شامل لنحو رأسه مما لا يبقى بدونه فالتفرقة بينهما قياسا على الكفالة وهم ( اشترط لصحته ) أي الإلحاق ( أن لا يكذبه الحس ) بأن يكون في سن يمكن كونه منه ، فإن كذبه بأن كان في سن لا يتصور أن يولد لمثله مثله ولو لطرو قطع ذكره وأنثييه قبل زمن إمكان العلوق بذلك المولد كان إقراره لغوا بالنسبة للنسب لا للعتق فلو استلحق رقيقه عتق عليه ولحقه حيث كان مجهول النسب وأمكن ذلك وإلا بأن عرف نسبه من غيره عتق فقط ، ولو قال : يد فلان ابني بأن احتمل أنه خرج إليها أو أنها قدمت إليه قبل ذلك لحقه ، وما زاده بعضهم من احتمال أنه أنفذ إليها ماءه فاستدخلته رأي مردود قدمت [ ص: 108 ] كافرة بطفل وادعاه رجل وأمكن اجتماعهما غلطه فيه لأبي حامد الماوردي وغيره لأنه إحبال بالمراسلة والجمهور على خلافه ، وقولهم كافرة : أي من دار الكفر مثال فكل بلد بعيد كذلك ( و ) أن ( لا ) يكذبه ( الشرع ) فإن كذبه ( بأن يكون معروف النسب من غيره ) أو ولد على فراش نكاح صحيح لم يصح استلحاقه وإن صدقه المستلحق لأن النسب لا يقبل النقل ، وعلم مما تقرر عدم صحة لما فيه من إبطال حق النافي إذ له استلحاقه ، وأن هذا الولد لا يؤثر فيه قائف ولا انتساب يخالف حكم الفراش ، بل لا ينتفي إلا باللعان رخصة أثبتها الشارع لرفع الأنساب الباطلة ، فإن ولد على فراش وطء شبهة أو نكاح فاسد جاز للغير استلحاقه ; لأنه لو نازعه قبل النفي سمعت دعواه ، ويمتنع استلحاق ولد الزنا مطلقا . استلحاق منفي بلعان ولد على فراش نكاح صحيح
واعلم أن اشتراط عدم تكذيب المقر الحس والشرع غير مختص بما هنا ، بل هو شامل لسائر الأقارير كما علم مما مر أنه يشترط في المقر له أهلية استحقاق المقر به حسا وشرعا كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله ولا بد أن لا يكون المستلحق بفتح الحاء رقيقا [ ص: 109 ] للغير أو عتيقا صغيرا أو مجنونا ، فإن كان لم يصح استلحاقه محافظة على حق ولاء السيد بل لا بد من بينة ، فلو صدقه البالغ العاقل قبل كما رجحه ابن المقري خلافا لترجيح الأنوار نفي القبول ويبقى العبد على رقه إذ لا منافاة بين الرق والنسب لانتفاء استلزامه الحرية ولم تثبت ( وأن يصدقه المستلحق ) بفتح الحاء ( إن كان أهلا للتصديق ) بأن يكون مكلفا لأن له حقا في نسبه وهو أعرف به من غيره ، وخرج بالتصديق سكوته فلا يثبت معه النسب خلافا لما وقع لهما في موضع .
نعم لو مات قبل تمكنه من التصديق صح ، وقد يحمل كلامهما عليه ( فإن كان بالغا ) عاقلا ( فكذبه ) أو قال لا أعلم أو سكت وأصر ( لم يثبت نسبه ) منه ( إلا ببينة ) أو يمين مردودة كبقية الحقوق ولو تصادقا ثم رجعا لم يبطل نسبه لأن النسب المحكوم بثبوته لا يرتفع بالاتفاق كالثابت بالافتراش ( وإن استلحق صغيرا ) أو مجنونا ( ثبت ) نسبه منه بالشروط السابقة ما سوى التصديق لعسر إقامة البينة فيترتب عليه أحكام النسب . ( فلو ) ( لم يبطل ) استلحاقه بتكذيبه ( في الأصح ) فيهما لأن النسب يحتاط له فلا يندفع بعد ثبوته ، والثاني يبطل فيهما لأنا حكمنا به حين لم يكن أهلا للإنكار ، وقد صار والأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما ، وشمل كلام ( بلغ ) الصغير أو أفاق المجنون ( وكذبه ) المصنف ما لو [ ص: 110 ] فلا اعتبار بتكذيبه خلافا استلحق أباه المجنون ثم أفاق وكذبه للماوردي ومن تبعه ممن فرق بين الأب وغيره بأن استلحاق الأب على خلاف الأصل والقياس فاحتيط له أكثر .