ثم شرع في بيان الاستثناء وهو إخراج ما لولاه لدخل بنحو إلا فقال ( ويصح الاستثناء ) هنا ككل إنشاء وإخبار لوروده في الكتاب والسنة وهو مأخوذ من الثني بفتح فسكون : أي الرجوع لرجوعه عما اقتضاه لفظه ( إن اتصل ) بالإجماع وما حكي عن قيل لم يثبت عنه ولئن ثبت فهو مؤول . ابن عباس
نعم السكوت اليسير بقدر سكتة تنفس أو عي أو تذكر أو انقطاع صوت غير مضر ويضر كلام أجنبي يسير أو سكوت طويل ، فلو ضر على ما أشار إليه في الروضة ، فإنه لما نقل صحة الاستثناء مع ذلك نظر فيه ، واستوضح غيره النظر في يا فلان بخلافه في أستغفر الله لقول الكافي : لا يضر لأنه [ ص: 105 ] لاستدراك ما سبق وأفتى به قال : له علي ألف الحمد لله إلا مائة أو أستغفر الله أو يا فلان الوالد رحمه الله تعالى ، ويشترط أن يقصده قبل فراغ الإقرار كما في نظيره من الطلاق ولكونه رفعا لبعض ما شمله اللفظ احتاج إلى نية ولو كان إخبارا ولا بعد فيه خلافا للزركشي ( ولم يستغرق ) المستثنى المستثنى منه ، فإن استغرقه كخمسة إلا خمسة كان باطلا بالإجماع إلا من شذ لما في ذلك من المناقضة الصريحة ، ولهذا لم يخرجوه على الجمع بين ما يجوز وما لا يجوز لانتفاء المناقضة فيه ، هذا كله إن اقتصر عليه ، وإلا كخمسة إلا خمسة إلا ثلاثة فهو صحيح لأنه استثنى من الخمسة خمسة إلا ثلاثة ، وخمسة إلا ثلاثة اثنان أو لأن الاستثناء من النفي إثبات وعكسه كما قال ( فلو ) لا تلزم ( إلا ثمانية ) تلزم فتضم الواحد الباقي من العشرة فلذا كان الواجب ما ذكره بقوله ( لزمه تسعة ) وطريق ذلك ونظائره أن تجمع كل مثبت وكل منفي وتسقط هذا من ذاك فالباقي هو الواجب ، فمثبت هذه الصورة ثمانية عشر ومنفيها تسعة أسقطها منها تبقى تسعة ( قال له ) علي ( عشرة إلا تسعة ) أي إلا تسعة
ولو زاد عليها إلى الواحد كان مثبتها ثلاثين ومنفيها خمسة وعشرين أسقطها منها تبقى خمسة ، هذا كله عند تكرره من غير عطف ، وإلا كعشرة إلا خمسة وثلاثة أو إلا خمسة وإلا ثلاثة كانا مستثنيين من العشرة فيلزمه درهمان ، فإن كان لو جمعا استغرقا كعشرة إلا سبعة وثلاثة اختص البطلان بما به الاستغراق وهو الثلاثة فيلزمه ثلاثة ، وفي ليس له علي شيء إلا خمسة يلزمه خمسة وفي ليس له علي عشرة إلا خمسة لا يلزمه شيء لأن عشرة إلا خمسة خمسة ، فكأنه قال : ليس له علي خمسة بجعل النفي موجها إلى كل من المستثنى والمستثنى منه وإن كان خارجا عن القاعدة السابقة أنه من النفي إثبات احتياطا للإلزام ، لا تلزم المائة ولا أقل منها ، ولا يجمع مفرق في المستثنى منه ولا في المستثنى ولا فيهما لاستغراق ولا لعدمه فعلي درهمان ودرهم إلا درهما مستغرق وثلاثة إلا درهمين ودرهما أو إلا درهما ودرهما ودرهما نلغي درهما لحصول الاستغراق به فيجب درهم ، وكذا ثلاثة إلا درهما ودرهما يلزمه درهم لجواز الجمع هنا فلا استغراق ، ولو وفي ليس له علي أكثر من مائة فكل من المستثنى و المستثنى منه مجمل فليفسرهما ، فإن فسر الثاني بأقل مما فسر به الأول صح الاستثناء وإلا لغا ، ولو قال : له علي شيء إلا شيئا أو مال إلا مالا أو نحوهما فالألف والشيء مجملان فليفسرهما مع الاجتناب في تفسيره لما يقع به الاستغراق ، ولو قال : له علي [ ص: 106 ] ألف إلا شيئا أو عكس فالألف مجمل فليفسره بما فوق الدرهم ، فلو فسره بما قيمته درهم فما دونه كان الاستثناء لاغيا وكذا التفسير ، ولو قدم المستثنى على المستثنى منه صح كما قاله قال : له علي ألف إلا درهما الرافعي أول كتاب الأيمان .