وقوله : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ؛ " ما " ؛ منفصلة؛ المعنى : أي شيء لكم تاركين القتال؛ و " لا تقاتلون " ؛ في موضع نصب على الحال؛ كقوله - عز وجل - : فما لهم عن التذكرة معرضين ؛ و " المستضعفين " ؛ في موضع جر؛ المعنى : " وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وسبيل المستضعفين.
من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ؛ يعني بالقرية " مكة " ؛ أي : ما لكم لا تسعون في خلاص هؤلاء؟! وقوله : واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ؛ أي : " تولنا بنصرك؛ وخلصنا من أهل مكة الظالم أهلها " ؛ فهو نعت لـ " القرية " ؛ ووحد " الظالم " ؛ لأنه صفة تقع موقع الفعل؛ تقول : " مررت بالقرية الصالح أهلها " ؛ كقولك : " التي صلح أهلها " . [ ص: 78 ] قال أبو العباس محمد بن يزيد : " والمستضعفين " ؛ في موضع جر من وجهين؛ المعنى : " ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي المستضعفين؟! " ؛ قال : وجائز أن يكون عطفا على اسم الله؛ أي : في سبيل الله وسبيل المستضعفين؛ قال : وأختار أن يكون على " وفي المستضعفين " ؛ لاختلاف السبيلين؛ لأن معنى " سبيل المستضعفين " ؛ كأنه خلاص المستضعفين؛ وقول أكثر النحويين كما اختار أبو العباس محمد بن يزيد ؛ والوجه الثاني عندي أشبه بالمعنى؛ لأن سبيل المستضعفين هي سبيل الله.