"يغفروا" في موضع جزم . قال : هذا مجزوم بالتشبيه بالجزم والشرط كأنه كقولك : قم تصب خيرا . وليس كذلك . قال الفراء : يذهب إلى أنه لما وقع في جواب الأمر كان مجزوما وإن لم يكن جوابا ، وهذا غير محصل والأولى فيه ما سمعت أبو جعفر علي بن سليمان يحكيه عن محمد بن يزيد عن قال : التقدير : قل للذين آمنوا اغفروا يغفروا . وهذا قول محصل لا إشكال فيه ، وهو جواب كما تقول : أكرم زيدا يكرمك . وتقديره : إن تكرمه يكرمك . وقرأ أبي عثمان المازني نافع وأبو عمرو ( وعاصم ليجزي قوما ) وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ( لنجزي قوما) بالنون . وقرأ والكسائي ( ليجزي قوما) . قال أبو جعفر القارئ : القراءة الأولى والثانية حسنتان معناهما واحد ، وإن كان أبو جعفر يختار الأولى ويحتج بأن قبله ( أبو عبيد قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) فيختار "ليجزي قوما" ليعود الضمير على اسم الله جل وعز . وهذا لا يوجب اختيارا؛ لأنه كلام الله جل وعز ووحيه فقوله جل ثناؤه لنجزي إخبارا عنه جل وعز فأما ( ليجزي قوما ) فقال : هو [ ص: 144 ] لحن عند أبو إسحاق الخليل وجميع البصريين وقال وسيبويه : هو لحن في الظاهر ، وهو عند البصريين لحن في الظاهر والباطن ، وإنما أجازه الفراء على شذوذ بمعنى : ليجزى الجزاء قوما فأضمر الجزاء ولو أظهره ما جاز فكيف وقد أضمره؟ وقد أجمع النحويون على أنه لا يجوز : ضرب الضرب زيدا ، حتى أنه قال بعضهم : لا يجوز : ضرب زيدا سوطا؛ لأن سوطا مصدر ، وإنما يقام المصدر مقام الفاعل مع حروف الخفض إذا نعت فإذا لم يكن منعوتا لم يجز . وهذا أعجب أن يقام المصدر مقام الفاعل غير منعوت مع اسم غير مصدر ، وفيه أيضا علة أخرى أنه أضمر الجزاء ولم يتقدم له ذكر على أن "يجزي" يدل عليه . وهذا ، وإن كان يجوز فإنه مجاز فأما إنشادهم : الكسائي
ولو ولدت قفيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا
فلا حجة فيه ، ورأيت يذهب إلى أن تقديره : ولو ولدت قفيرة الكلاب و"جرو كلب" منصوب على النداء . أبا إسحاق