هذه قراءة الكوفيين والبصريين ، وكذا في مصاحفهم ، وقرأ المدنيون (بما) بغير فاء ، وكذا في مصاحفهم فالقراءة بالفاء بينة لأنه شرط وجوابه . والقراءة بغير فاء فيها للنحويين ثلاثة أقوال : أحدها أن يكون "ما" بمعنى "الذي" فلا تحتاج إلى جواب بالفاء ، وهذا مذهب . والقول الثاني أن يكون ما للشرط وتكون الفاء محذوفة كما قال : أبو إسحاق
من يفعل الحسنات الله يشكرها والشر بالشر عند الله مثلان
وهذا قول أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش ، وزعم أن هذا يدل على أن حذف الفاء في الشرط جائز حسن لجلال من قرأ به . والقول الثالث أن ما ههنا للشرط إلا أنه جاز حذف الفاء لأنها لا تعمل في اللفظ شيئا وإنما وقعت على الماضي ، وهذا أولى الأقوال بالصواب . فأما أن يكون "ما" بمعنى الذي فبعيد لأنه يقع مخصوصا للماضي ، وأما أن يشبه هذا بالبيت الذي ذكرناه فبعيد أيضا لأن حذف الفاء مع الفعل المستقبل لا يجوز عند إلا في ضرورة الشعر ، ولا يحمل كتاب الله عز وجل إلا على الأغلب الأشهر . سيبويه
[ ص: 84 ]