الخصمان أمام الله يوم القيامة
قال الله (تعالى): هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا [ ص: 4962 ] أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم
هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم الخصمان هما: الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ والذين كفروا من أهل الكتاب؛ والمشركين؛ وهما خصمان; لأنهما في جانبين متقابلين; ولأن المؤمنين يؤمنون بكل ما جاء عن الله؛ وغيرهم يجادلون في الله; لأن الخصومة في الحق قائمة بينهم؛ وهي من جانب الذين اتبعوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - هداية وإرشادا؛ ومجادلة بالتي هي أحسن؛ ومن جانب المخالفين لهم عناد وإغواء ودس وخيانة؛ ومجادلة بالباطل؛ وادعاء له.
وواضح أن الخصومة كانت في الدنيا؛ وفي الآخرة كان الجزاء الوفاق؛ وكل ينال ما يستحق؛ فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم أي تقدر لهم على قدر أجسامهم؛ وتقطع وتخاط؛ بحيث تحيط النار بأجسامهم ماسة أبدانهم؛ كما يمس الثوب جسم اللابس له؛ ويحتك بلحمه؛ [ ص: 4963 ] وتكون النار مشتعلة في الثياب والأجسام معا؛ و يصب من فوق رءوسهم الحميم وهو الماء الساخن الذي يصل إلى درجة الغليان؛ فالنار تحرقهم في أجسامهم ورؤوسهم؛ وتصل إلى داخل أبدانهم؛ ولذا قال (تعالى):