قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا السين لتأكيد ما يقع في المستقبل؛ وهنا نجد كلام كليم الله موسى اشتمل على ثلاثة أمور؛ أمرين فيهما الطاعة؛ وأمر فيه التعليق على مشيئة الله؛ الأمر الأول: وعده بالصبر؛ فقال: "ستجدني "؛ أي: إني منفذ ما طلبت؛ وستجد ما طلبت؛ وهو الصبر؛ قائما؛ على أنه وصف مستمر؛ ولذا قال: ستجدني إن شاء الله صابرا الأمر الثاني: أنه تأدب بتأدب تعلق على المشيئة؛ كما أمر الله نبيه محمدا؛ فقال: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ؛ فهذا تأديب الله (تعالى) لأنبيائه؛ وعباده الصالحين. [ ص: 4561 ] الأمر الثالث: أنه قال: ولا أعصي لك أمرا وذلك أدب الاتباع؛ فالاتباع يقتضي الطاعة؛ والصحبة تقتضي عدم المنافرة والمخالفة.
أخذ العبد الصالح يبين حدود الصبر؛ وأنه صبر على الامتناع عن السؤال عن سبب الفعل؛ مع غرابة الفعل في ذاته؛ وهذه طاقة عالية في الصبر؛ فإن العقل طلعة؛ يريد تعرف سبب كل واقع؛ وسر كل مجهول؛ فقال: