[ ص: 1062 ] nindex.php?page=treesubj&link=1970_19860_30180_30347_30364_30497_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ترقبوا وخافوا يوما يردكم الله سبحانه وتعالى إليه فلا تملكون من أموركم شيئا فيه ; فإذا ملكتم المال في الدنيا ، ففي هذا اليوم لا تملكون شيئا ، وإذا ملكتم المنح والمنع اليوم ففي اليوم الآخر لا تملكون شيئا . وفي هذا اليوم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281توفى كل نفس ما كسبت أي جزاء ما كسبت إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وكأن ما توفاه عين ما كسبت للمماثلة بين الجزاء والعمل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وهم لا يظلمون أي لا ينقصون شيئا من ثواب ما عملوا ، ولا يعاقبون على ما لم يعملوا .
وتمت آيات الربا بهذه الآية ترغيبا وترهيبا ، ترغيبا في القرض الحسن ، وترهيبا من أكل الربا .
ومن الحق علينا أن نختم الكلام في هذه الآيات بكلمات ننقلها عن الأستاذ
الإمام محمد عبده ، لقد قال رحمه الله :
" يقول كثير من الذين تعلموا وتربوا تربية عصرية ، وأخذوا الشهادات من المدارس ، ومن هو أكبر من هؤلاء : إن المسلمين منوا بالفقر وذهبت أموالهم إلى أيدي الأجانب ، وفقدوا الثروة والقوة بسبب تحريم الربا ، فإنهم لاحتياجهم للأموال يأخذونها بالربا من الأجانب ، ومن كان غنيا منهم لا يعطي بالربا ، فمال الفقير يذهب ، ومال الغني لا ينمو . . وهذه أوهام لم تقل عن اختبار ; فإن المسلمين في هذه الأيام لا يحكمون الدين في شيء من أعمالهم ومكاسبهم ولو حكموه في هذه المسألة ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم ، فإن سلمنا أنهم تركوا أكل الربا لأجل الدين فهل يقول المشتبهون إنهم تركوا الصناعة والتجارة والزراعة لأجل الدين " .
هذه كلمة الأستاذ الإمام الذي تجنى عليه المنحرفون ، وقالوا عليه ما لم يقل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
* * *
[ ص: 1062 ] nindex.php?page=treesubj&link=1970_19860_30180_30347_30364_30497_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ تَرَقَّبُوا وَخَافُوا يَوْمًا يَرُدُّكُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَيْهِ فَلَا تَمْلِكُونَ مِنْ أُمُورِكُمْ شَيْئًا فِيهِ ; فَإِذَا مَلَكْتُمُ الْمَالَ فِي الدُّنْيَا ، فَفِي هَذَا الْيَوْمِ لَا تَمْلِكُونَ شَيْئًا ، وَإِذَا مَلَكْتُمُ الْمَنْحَ وَالْمَنْعَ الْيَوْمَ فَفِي الْيَوْمِ الْآخِرِ لَا تَمْلِكُونَ شَيْئًا . وَفِي هَذَا الْيَوْمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ أَيْ جَزَاءَ مَا كَسَبَتْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ ، وَكَأَنَّ مَا تَوَفَّاهُ عَيْنُ مَا كَسَبَتْ لِلْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالْعَمَلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ أَيْ لَا يُنْقَصُونَ شَيْئًا مِنْ ثَوَابِ مَا عَمِلُوا ، وَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَى مَا لَمْ يَعْمَلُوا .
وَتَمَّتْ آيَاتُ الرِّبَا بِهَذِهِ الْآيَةِ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا ، تَرْغِيبًا فِي الْقَرْضِ الْحَسَنِ ، وَتَرْهِيبًا مِنْ أَكْلِ الرِّبَا .
وَمِنَ الْحَقِّ عَلَيْنَا أَنْ نَخْتِمَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بِكَلِمَاتٍ نَنْقُلُهَا عَنِ الْأُسْتَاذِ
الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ ، لَقَدْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ :
" يَقُولُ كَثِيرٌ مِنَ الَّذِينَ تَعَلَّمُوا وَتَرَبَّوْا تَرْبِيَةً عَصْرِيَّةً ، وَأَخَذُوا الشَّهَادَاتِ مِنَ الْمَدَارِسِ ، وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُنُوا بِالْفَقْرِ وَذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ إِلَى أَيْدِي الْأَجَانِبِ ، وَفَقَدُوا الثَّرْوَةَ وَالْقُوَّةَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِ الرِّبَا ، فَإِنَّهُمْ لِاحْتِيَاجِهِمْ لِلْأَمْوَالِ يَأْخُذُونَهَا بِالرِّبَا مِنَ الْأَجَانِبِ ، وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا مِنْهُمْ لَا يُعْطِي بِالرِّبَا ، فَمَالُ الْفَقِيرِ يَذْهَبُ ، وَمَالُ الْغَنِيِّ لَا يَنْمُو . . وَهَذِهِ أَوْهَامٌ لَمْ تُقَلْ عَنِ اخْتِبَارٍ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لَا يُحَكِّمُونَ الدِّينَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَمَكَاسِبِهِمْ وَلَوْ حَكَّمُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا اسْتَدَانُوا بِالرِّبَا وَجَعَلُوا أَمْوَالَهُمْ غَنَائِمَ لِغَيْرِهِمْ ، فَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُمْ تَرَكُوا أَكْلَ الرِّبَا لِأَجْلِ الدِّينِ فَهَلْ يَقُولُ الْمُشْتَبِهُونَ إِنَّهُمْ تَرَكُوا الصِّنَاعَةَ وَالتِّجَارَةَ وَالزِّرَاعَةَ لِأَجْلِ الدِّينِ " .
هَذِهِ كَلِمَةُ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ الَّذِي تَجَنَّى عَلَيْهِ الْمُنْحَرِفُونَ ، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .
* * *