وإنهم في قسمهم هذا أو في حال الغرور التي اغتروا بها وحسبوا أنها حياة خالدة، والعبر بين أيديهم قائمة، ولذا قال تعالى: وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال .
سكن: معناه قر فيها، وغني فيها، وتتعدى بـ (في) ، كما تتعدى بنفسها، فيقال سكنت الدار، والأصل هو التعدية بـ (في) ثم لما شاع الاستعمال تعدت بنفسها.
والمعنى أن العبر كانت قائمة، وأقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم لا يبعثون بعد موتهم، وقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، والإيذاء للمؤمنين والصد عن سبيل الله، وتبين لكم ما نزل بسبب ظلمهم من إمطارهم حجارة من سجيل منضود، ومن جعل الأرض عاليها سافلها إلى آخر ما هو ثابت عبرة للآخرين؛ ولذلك قال تعالى: وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال أي تبين ما فعله الله بهم، وحالهم العجيبة الجديرة بالنظر، وبينا لكم الأمثال الأشباه، ومع ذلك لم تعتبروا، فاليأس من إيمانكم كان ثابتا، واليأس من إيمانكم بعد رجعتكم إلى الدنيا أشد ثبوتا.