قال الله عز وجل: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه
قال : هي المصيبة تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله . فيسلم لها ويرضى . علقمة
وخرج من حديث الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أنس فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط فله السخط "، "إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: "أسألك الرضا بعد القضاء" .
ومما يدعو المؤمن إلى تحقيق إيمانه بمعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: الرضا بالقضاء "لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن " .
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يوصيه وصية جامعة موجزة، فقال: [ ص: 477 ] "لا تتهم الله في قضائه "
قال : إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به . وقال أبو الدرداء : إن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط; فالراضي لا يتمنى غير ما هو عليه من شدة ورخاء . كذا روي عن ابن مسعود عمر وغيرهما . وقال وابن مسعود : أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر . عمر بن عبد العزيز
فمن وصل إلى هذه الدرجة، كان عيشه كله في نعيم وسرور، قال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة قال بعض السلف: الحياة الطيبة: هي الرضا والقناعة . وقال عبد الواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين .
وأهل الرضا تارة يلاحظون حكمة المبتلي وخيرته لعبده في البلاء، وأنه غير متهم في قضائه، وتارة يلاحظون ثواب الرضا بالقضاء، فينسيهم ألم المقضي به، وتارة يلاحظون عظمة المبتلي وجلاله وكماله، فيستغرقون في مشاهدة ذلك، حتى لا يشعروا بالألم، وهذا يصل إليه خواص أهل المعرفة والمحبة، حتى ربما تلذذوا بما أصابهم لملاحظتهم صدوره عن حبيبهم، كما قال بعضهم: أوجدهم في عذابه عذوبة . وسئل بعض التابعين عن حاله في مرضه، فقال: أحبه إلي .
وسئل هل يجد المحب ألم البلاء؟ فقال: لا . وقال بعضهم: [ ص: 478 ] السري:
عذابه فيك عذب . وبعده فيك قرب وأنت عندي كروحي .
بل أنت منها أحب حسبي من الحب .
أني لما تحب أحب