قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (18) ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون
وأعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا الموت، وما بعده أشد منه إن لم يكن مصير العبد إلى خير، قال الله عز وجل: فالواجب على المؤمن الاستعداد للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون
فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعد حينئذ للقاء الله عز وجل بالموت وما بعده، ذكره الله عند هذه الشدائد، فكان معه فيها، ولطف به، وأعانه، وتولاه، وثبته على التوحيد، فلقيه وهو عنه راض، ومن نسي الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعد حينئذ للقائه، نسيه الله في هذه الشدائد، بمعنى أنه أعرض عنه، وأهمله، فإذا نزل الموت بالمؤمن المستعد له، أحسن الظن بربه، وجاءته البشرى من الله فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، والفاجر بعكس ذلك، وحينئذ يفرح المؤمن، ويستبشر بما قدمه مما هو [ ص: 398 ] قادم عليه، ويندم المفرط، ويقول: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله
قال قبل موته: كيف لا أرجو ربي وقد صمت له ثمانين رمضان؟ أبو عبد الرحمن السلمي
وقال لابنه عند موته: أترى الله يضيع لأبيك أربعين سنة يختم القرآن كل ليلة؟ أبو بكر بن عياش
وختم القرآن وهو مسجى للموت، ثم قال: بحبي لك . إلا رفقت بي في هذا المصرع; كنت أؤملك لهذا اليوم، كنت أرجوك، لا إله إلا الله، ثم قضي . آدم بن أبي إياس
ولما احتضر زكريا بن عدي ، رفع يديه، وقال: اللهم إني إليك لمشتاق .
وقال عبد الصمد الزاهد عند موته: سيدي لهذه الساعة خبأتك، ولهذا اليوم اقتنيتك، حقق حسن ظني بك .
وقال في قول الله عز وجل: قتادة ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال: من الكرب عند الموت .
وقال علي بن أبي طلحة عن في هذه الآية: ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة . ابن عباس
وقال في قوله عز وجل: زيد بن أسلم إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة قال: يبشر بذلك عند موته، وفي قبره . ويوم يبعث، فإنه لفي الجنة، وما ذهبت فرحة البشارة من قلبه . [ ص: 399 ] وقال في هذه الآية: بلغنا أن المؤمن حيث يبعثه الله من قبره . يتلقاه ملكاه اللذان كانا معه في الدنيا، فيقولان له: لا تخف ولا تحزن . فيؤمن الله خوفه، ويقر الله عينه، فما من عظيمة تغشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين لما هداه الله، ولما كان يعمل في الدنيا . ثابت البناني