[ ص: 284 ] سورة الفتح
قوله تعالى: ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه
إن الزرع وإن كان له طاقة منه ضعيفة ضئيلة إلا أنه يتقوى بما يخرج معه وحوله ويعتضد به، بخلاف الشجر العظام فإن بعضها لا يشد بعضا .
وقد ضرب الله تعالى مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالزرع لهذا المعنى قال: ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه
قوله: أخرج شطأه أي: فراخه .
فآزره أي: ساواه وصار مثل الأم وقوي به .
فاستغلظ أي: غلظ .
فالزرع مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ خرج وحده فأمده بأصحابه وهم شطأ الزرع كما قوى الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى غلظت واستحكمت .
فاستوى على سوقه جمع ساق .
وفي الإنجيل: " سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع " .
وقد قال عز وجل: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) .
وقال: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض [ ص: 285 ] فالمؤمنون بينهم ولاية وهي مودة ومحبة باطنة .
ثم قال: إنما المؤمنون إخوة لأن وأما المنافقون فقلوبهم مختلفة . كما قال: المؤمنين قلوبهم على قلب رجل واحد فيما يعتقدونه من الإيمان تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى فأهواؤهم مختلفة . . إلخ . ولا ولاية بينهم في الباطن وإنما بعضهم من جنس بعض في الكفر والنفاق .
وفي "الصحيحين " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وشبك بين أصابعه .
وفيهما أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر .