قوله تعالى: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
[قال ] باب إذا هبت الريح: حدثنا البخاري سعيد بن أبي مريم: أنا محمد بن جعفر : أخبرني أنه سمع حميد، يقول: أنس بن مالك إنما كان يظهر في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت الريح الشديدة إذا هبت عرف ذلك في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - . لأنه كان يخشى أن تكون عذابا أرسل إلى أمته . وكان شدة خوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته شفقة عليهم، كما وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله: الخوف من اشتداد الريح; عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ولما تلا عليه : ابن مسعود فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا بكى . إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية، بكى، وقال: " اللهم، أمتي، أمتي "، فأرسل الله جبريل يقول له: "إن الله يقول: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك " . [ ص: 266 ] وكان يقول: "شيبتني هود وأخواتها" . ولما تلا قوله:
وجاء في رواية مرسلة: "قصفن علي الأمم " . يشير إلى أن شيبه منها ما ذكر من هلاك الأمم قبل أمته وعذابهم . وكان عند لقاء العدو يخاف على من معه من المؤمنين، ويستغفر لهم، كما فعل يوم بدر، وبات تلك الليلة يصلي ويبكي ويستغفر لهم، ويقول: وكل هذا من خوفه وشفقته عليهم . وقد جاء في روايات متعددة التصريح بسبب خوفه من اشتداد الريح: "اللهم، إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " .
ففي "الصحيحين " من حديث سليمان بن يسار ، عن : عائشة ، ما يؤمني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: عائشة هذا عارض ممطرنا " . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه، فقلت: يا رسول الله: أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا; رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال: "يا
وخرجا - أيضا - من رواية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قالت عائشة ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وما أدري لعله كلما قال قوم: عائشة فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم " الآية . وزاد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر، ودخل وخرج، وتغير [ ص: 267 ] وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه، فعرفته - في أوله -: مسلم وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " . إذا عصفت الريح قال: "اللهم، إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
وخرجه ، ولفظه: النسائي بدل: "مخيلة" . "كان إذا رأى ريحا"،
وخرج - أيضا - من حديث مسلم جعفر بن محمد، عن ، عن عطاء ، قالت: عائشة : فسألته، فقال: "إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي " . عائشة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، فإذا مطر سر به، وذهب عنه ذلك . قالت
وخرج الإمام أحمد من حديث وابن ماجه المقدام بن شريح ، عن أبيه . عن ، عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى سحابا مقبلا من أفق من الآفاق ترك ما هو فيه وإن كان في صلاته، حتى يستقبله، فيقول: "اللهم، إنا نعوذ بك من شر ما أرسل "، فإن أمطر قال: "اللهم سقيا نافعا " - مرتين أو ثلاثا -، فإن كشفه الله ولم يمطر حمد الله على ذلك .
ولفظه لابن ماجه .
[ ص: 268 ] وخرجه ، ولفظه: أبو داود وخرجه كان إذا رأى ناشئا في أفق السماء ترك العمل، وإن كان في صلاة، ثم يقول: "اللهم، إني أعوذ بك من شرها" . ، ولفظه: ابن السني وكذا خرجه كان إذا رأى في السماء ناشئا، غبارا أو ريحا، استقبله من حيث كان، وإن كان في الصلاة تعوذ بالله من شره . . ابن أبي الدنيا
وخرج الإمام أحمد وأبو داود في "اليوم والليلة" والنسائي وابن ماجه في "صحيحه " من حديث وابن حبان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أبي هريرة . "الريح من روح الله، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها"
وخرج من حديث الترمذي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أبي بن كعب "لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم، إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت
وقال: حسن صحيح .
وخرجه في " اليوم والليلة " مرفوعا وموقوفا على النسائي - رضي الله عنه - . [ ص: 269 ] وفي الباب: أحاديث أخر متعددة . أبي بن كعب
وروي عن ، قال: لا تسبوا الريح; فإنها بشر ونذر ولواقح . ولكن استعيذوا بالله من شر ما أرسلت به . وعن ابن مسعود ، قال: لا تسبوا الريح; فإنها تجيء بالرحمة، وتجيء بالعذاب، وقولوا: اللهم، اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذابا . خرجهما ابن عباس . وخرج - أيضا - بإسناده، عن ابن أبي الدنيا أنه كان إذا هبت الريح قال: اللهم . إن كنت أرسلتها رحمة فارحمني فيمن ترحم، وإن كنت أرسلتها عذابا فعافني فيمن تعافي . علي،
وبإسناده، عن ، أنه كان يقول إذا عصفت الريح: شدوا التكبير . فإنها تذهب . ابن عمر
وعن ، أنه لما ولي هبت ريح، فدخل عليه رجل وهو منتقع اللون، فقال: ما لك يا أمير المؤمنين ؟ قال: ويحك، وهل هلكت أمة إلا بالريح؟ عمر بن عبد العزيز