[ ص: 64 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل : قال الله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم } صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { { اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون } .
وكتاب الله يدل على ذلك في مواضع مثل قوله تعالى { قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه } وقوله : { فباءوا بغضب على غضب } وقوله : { وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة } .
وقال في النصارى : { قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل } .
وقال : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } وقال تعالى : { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون } { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } .
وقال تعالى : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون } { ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } وقال تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا } { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا } .
ولما أمرنا الله سبحانه : أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين كان ذلك ما يبين أن العبد يخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطريقين وقد وقع ذلك كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : { اليهود والنصارى ؟ قال : فمن } ؟ وهو حديث صحيح . لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله :
وكان السلف يرون أن من انحرف من العلماء عن الصراط المستقيم : ففيه شبه من اليهود ومن انحرف من العباد : ففيه شبه من النصارى كما يرى في أحوال منحرفة أهل العلم : من تحريف الكلم عن مواضعه وقسوة القلوب والبخل بالعلم والكبر وأمر الناس بالبر ونسيان أنفسهم وغير ذلك .