الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 96 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل تزوج عند قوم مدة سنة ثم جرى بينهم كلام فادعوا عليه بكسوة سنة فأخذوها منه ثم ادعوا عليه بالنفقة وقالوا : هي تحت الحجر ; وما أذنا لك أن تنفق عليها : فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين . إذا كان الزوج تسلمها التسليم الشرعي وهو أو أبوه أو نحوهما يطعمها كما جرت به العادة : لم يكن للأب ولا لها أن تدعي بالنفقة ; فإن هذا هو الإنفاق بالمعروف الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر المسلمين في كل عصر ومصر وكذلك نص على ذلك أئمة العلماء ; بل من nindex.php?page=treesubj&link=13212كلف الزوج أن يسلم إلى أبيها دراهم ليشتري لها بها ما يطعمها في كل يوم فقد خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ; وإن [ كان ] هذا قد قاله بعض الناس . فكيف إذا كان قد أنفق عليها بإقرار الأب لها بذلك وتسليمها إليهم ; مع أنه لا بد لها من الأكل ; ثم أراد أن يطلب النفقة ; ولا يعتد بما أنفقوا عليها ; فإن هذا باطل في الشريعة لا تحتمله أصلا . ومن توهم ذلك معتقدا أن النفقة حق لها كالدين فلا بد أن يقبضه الولي وهو لم يأذن فيه : كان مخطئا من وجوه [ ص: 97 ] " منها " أن المقصود بالنفقة إطعامها ; لا حفظ المال لها .
" الثاني " أن قبض الولي لها ليس فيه فائدة : " الثالث " أن ذلك لا يحتاج إلى إذنه ; فإنه واجب لها بالشرع والشارع أوجب الإنفاق عليها فلو نهى الولي عن ذلك لم يلتفت إليه . " الرابع " إقراره لها مع حاجته إلى النفقة إذن عرفي ولا يقال : إنه لم يأمن الزوج على النفقة ; لوجهين : " إحداهما " أن الائتمان بها حصل بالشرع كما اؤتمن الزوج على بدنها والقسم لها وغير ذلك من حقوقها ; فإن الرجال قوامون على النساء والنساء عوان عند الرجال كما دل على ذلك الكتاب والسنة . " الثاني " أن الائتمان العرفي كاللفظي . والله أعلم .