الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل رحمه الله عن رجل له أرض مزروعة وغيرها وجاء من يزرعها له مشاطرة والبذر وسائر ما يلحق الزرع من الأجر حتى إذا أخذ الحصادون [ ص: 121 ] شيئا أخذ صاحب الأرض مثله ونصف التبن أيضا . فهل يجوز ذلك ؟ أم لا ؟ .
nindex.php?page=treesubj&link=6208_26877المزارعة على الأرض بشطر ما يخرج منها جائز سواء كان البذر من رب الأرض أو من العامل .
وهذا هو الصواب الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين .
فإن { nindex.php?page=hadith&LINKID=600698النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع على أن يعمروها من أموالهم } وهذا مذهب أكثر الصحابة والتابعين .
وجواز nindex.php?page=treesubj&link=6196_6210المزارعة على الأرض البيضاء هو مذهب الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وأبي يوسف ومحمد والمحققين من أصحاب الشافعي العلماء بالحديث وبعض أصحاب مالك وغيرهم .
وكذلك يجوز على أصح القولين في مذهب أحمد وغيره أن يكون البذر من العامل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر وتشبيه ذلك بمال المضاربة فاسد ; فإن البذر لا يعود إلى باذره كما يعود مال المالك .
والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المخابرة هو أنهم كانوا يعاملون ويشترطون للمالك منفعة معينة من الأرض وهذا [ ص: 122 ] باطل بالاتفاق .
كما لو اشترط دراهم مقدرة في المضاربة أو ربح صنف بعينه من السلع .
nindex.php?page=treesubj&link=24979والمساقاة والمزارعة والمضاربة ليست من أنواع الإجارة التي يشترط فيها تقدير العمل والأجرة فإن تلك يكون المقصود فيها العمل ; وإنما هي من جنس المشاركة فإنهما يشتركان بمنفعة بدن هذا ومنفعة مال هذا وهما مشتركان في المغنم والمغرم .
وكان آل أبي بكر يزارعون وآل عمر يزارعون وآل ابن مسعود يزارعون وهذا عمل المسلمين من زمن نبيهم إلى اليوم .
وهي كانت فيهم أظهر من كراء الأرض بالدراهم والدنانير فإنها أبعد عن الظلم والغرور وأقرب إلى العدل الذي ثبتت عليه المعاملات .
وأما مؤنة الحصادين فعلى من اشترطاه ; إن اشترطا المؤنة عليهما فهي عليهما وإن شرطاها على أحدهما فهي عليه وفي الإطلاق نزاع . ولهما اقتسام الحب والتبن والله أعلم .