فصل وأما كما أمر الله ورسوله مثل قسم المواريث بين الورثة على ما جاء به [ ص: 385 ] الكتاب والسنة . الأموال فيجب الحكم بين الناس فيها بالعدل
وقد تنازع المسلمون في مسائل من ذلك . وكذلك في المعاملات من المبايعات والإجارات والوكالات والمشاركات والهبات والوقوف والوصايا ونحو ذلك من المعاملات المتعلقة بالعقود والقبوض ; فإن العدل فيها هو قوام العالمين لا تصلح الدنيا والآخرة إلا به .
فمن العدل فيها ما هو ظاهر يعرفه كل أحد بعقله كوجوب تسليم الثمن على المشتري وتسليم المبيع على البائع للمشتري ووجوب الصدق والبيان وتحريم الكذب والخيانة والغش وأن جزاء القرض الوفاء والحمد . وتحريم تطفيف المكيال والميزان
ومنه ما هو خفي جاءت به الشرائع أو شريعتنا - أهل الإسلام - فإن عامة ما نهى عنه الكتاب والسنة من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم : دقه وجله ; مثل أكل المال بالباطل . وجنسه من الربا والميسر . مثل بيع الغرر وبيع حبل الحبلة وبيع الطير في الهواء والسمك في الماء والبيع إلى أجل غير مسمى وبيع المصراة وبيع المدلس والملامسة والمنابذة والمزابنة والمحاقلة والنجش وبيع الثمر قبل بدو صلاحه وما نهى عنه من أنواع المشاركات [ ص: 386 ] الفاسدة . كالمخابرة بزرع بقعة بعينها من الأرض . وأنواع الربا والميسر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم
ومن ذلك ما قد تنازع فيه المسلمون لخفائه واشتباهه فقد يرى هذا العقد والقبض صحيحا عدلا وإن كان غيره يرى فيه جورا يوجب فساده وقد قال الله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله إلا ما دل الكتاب والسنة على شرعه ; إذ ; بخلاف الذين ذمهم الله حيث حرموا من دين الله ما لم يحرمه الله وأشركوا به ما لم ينزل به سلطانا وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله . اللهم وفقنا لأن نجعل الحلال ما حللته والحرام ما حرمته والدين ما شرعته . الدين ما شرعه الله والحرام ما حرمه الله