فصل مشروع أيضا : وهو أن الرجل إذا لعن رجلا أو دعا عليه فله أن يفعل به كذلك وكذلك إذا شتمه : بشتمة لا كذب فيها . والعفو أفضل . قال الله تعالى : { والقصاص في الأعراض وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين } { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } وقال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 381 ] { } . ويسمى هذا الانتصار . المستبان : ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم . فأما إن افترى عليه لم يحل له أن يفتري عليه ولو كفره أو فسقه بغير حق لم يحل له أن يكفره أو يفسقه بغير حق ولو لعن أباه أو قبيلته أو أهل بلده ونحو ذلك لم يحل له أن يتعدى على أولئك فإنهم لم يظلموه . قال الله تعالى : { والشتيمة التي لا كذب فيها مثل الإخبار عنه بما فيه من القبائح أو تسميته بالكلب أو الحمار ونحو ذلك يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } فأمر الله المسلمين ألا يحملهم بغضهم للكفار على ألا يعدلوا . وقال : { اعدلوا هو أقرب للتقوى } .
فإن كان العدوان عليه في العرض محرما لحقه ; لما يلحقه من الأذى جاز الاقتصاص منه بمثله كالدعاء عليه بمثل ما دعاه ; وأما إذا كان محرما لحق الله تعالى كالكذب لم يجز بحال وهكذا قال كثير من الفقهاء : فإنه يفعل به كما فعل ما لم يكن الفعل محرما في نفسه كتجريع الخمر واللواط به . ومنهم من قال : إذا قتله بتحريق أو تغريق أو خنق أو نحو ذلك . والأول أشبه بالكتاب والسنة والعدل . لا قود عليه إلا بالسيف