وقال رحمه الله تعالى فمن الناس أو فيه بعض ما يقولون ; لكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم . من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون
[ ص: 237 ] ومنهم من . تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول : ليس لي عادة أن أذكر أحدا إلا بخير ولا أحب الغيبة ولا الكذب ; وإنما أخبركم بأحواله . ويقول : والله إنه مسكين أو رجل جيد ; ولكن فيه كيت وكيت . وربما يقول : دعونا منه الله يغفر لنا وله ; وإنما قصده استنقاصه وهضم لجانبه . ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة يخادعون الله بذلك كما يخادعون مخلوقا ; وقد رأينا منهم ألوانا كثيرة من هذا وأشباهه . يخرج الغيبة في قوالب شتى
ومنهم فيقول : لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان ; لما بلغني عنه كيت وكيت ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده . أو يقول : فلان بليد الذهن قليل الفهم ; وقصده مدح نفسه وإثبات معرفته وأنه أفضل منه . من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه
ومنهم فيجمع بين أمرين قبيحين : الغيبة والحسد . وإذا أثنى على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح أو في قالب حسد وفجور وقدح ليسقط ذلك عنه . من يحمله الحسد على الغيبة
ومنهم [ ص: 238 ] باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به . من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب ليضحك غيره
ومنهم فيقول تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت وكيف فعل كيت وكيت فيخرج اسمه في معرض تعجبه . من يخرج الغيبة في قالب التعجب
ومنهم من يخرج الاغتمام فيقول مسكين فلان غمني ما جرى له وما تم له فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به ولو قدر لزاد على ما به وربما يذكره عند أعدائه ليشتفوا به . وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه .
ومنهم فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول وقصده غير ما أظهر . والله المستعان . من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر