[ ص: 395 ] سئل ما الحكمة في أن المشتغلين بالذكر والفكر والرياضة ومجاهدة النفس وما أشبهه يفتح عليهم من الكشوفات والكرامات وما سوى ذلك من الأحوال - مع قلة علمهم وجهل بعضهم - ما لا يفتح على المشتغلين بالعلم ودرسه ؟ .
والبحث عنه ؟ حتى لو بات الإنسان متوجها مشتغلا بالذكر والحضور لا بد أن يرى واقعة أو يفتح عليه شيء ولو بات ليلة يكرر على باب من أبواب الفقه لا يجد ذلك حتى إن مع أنه قد وردت السنة بتفضيل العالم على العابد لا سيما إذا كان العابد محتاجا إلى علم هو مشتغل به عن العبادة . كثيرا من المتعبدين يجد للذكر حلاوة ولذة ولا يجد ذلك عند قراءة القرآن
ففي الحديث { } وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل للعابدين والمجاهدين : ادخلوا الجنة فيقول العلماء بفضل علمنا عبدوا وجاهدوا فيقول الله عز وجل [ ص: 396 ] لهم : أنتم عندي كملائكتي اشفعوا فيشفعون .
ثم يدخلون الجنة } وغير ذلك من الأحاديث والآثار .
ثم إن بما يبطل كثيرا من عبادته كنواقض الوضوء أو مبطلات الصلاة والصوم وربما يحكي بعضهم حكاية في هذا المعنى : بأن " كثيرا من المتعبدين يؤثر العبادة على طلب العلم مع جهله رابعة العدوية " - رحمها الله - أتت ليلة بالقدس تصلي حتى الصباح وإلى جانبها بيت فيه فقيه يكرر على باب الحيض إلى الصباح فلما أصبحت رابعة قالت له : يا هذا وصل الواصلون إلى ربهم وأنت مشتغل بحيض النساء .
أو نحوها فما المانع أن يحصل للمشتغلين بالعلم ما يحصل للمشتغلين بالعبادة مع فضله عليه ؟ .