القول في تأويل قوله تعالى :
[ 74 ] والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم .
والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم عود لذكر المهاجرين والأنصار ، للثناء عليهم ، والشهادة لهم ، مع الموعد الكريم ، فلا تكرار ، لما أن مساق الأول لإيجاب التواصل بينهم ، فذكرهم هاهنا لبيان تعظيم شأنهم ، وعلو درجتهم .
قال الرازي : وبيانه من وجهين :
الأول : أن الإعادة تدل على مزيد الاهتمام بحالهم ، وذلك يدل على الشرف والتعظيم .
والثاني : وهو أنه تعالى أثنى عليهم هاهنا من ثلاثة أوجه :
أولها : قوله : أولئك هم المؤمنون حقا فقوله : أولئك هم المؤمنون يفيد الحصر ، وقوله : حقا يفيد المبالغة في وصفهم بكونهم محقين محققين في طريق الدين ، وقد كانوا كذلك ، لأن من لم يكن محقا في دينه ، لم يتحمل ترك الأديان السالفة ، ولم يفارق الأهل والوطن ، ولم يبذل النفس والمال ، ولم يكن في هذه الأحوال من المتسارعين المتسابقين .
وثانيها : قوله : لهم مغفرة والتنكير يدل على الكمال ، أي : مغفرة تامة كاملة .
وثالثها : قوله : ورزق كريم والمراد منه الثواب الرفيع الشريف . انتهى .
[ ص: 3051 ] وقد أثنى تعالى على المهاجرين والأنصار في غير ما آية في كتابه الكريم ـ والله أعلم ـ .