وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا . [ ص: 6 ]
قوله تعالى: " وآتينا موسى الكتاب " لما ذكر في الآية الأولى إكرام محمد صلى الله عليه وسلم، ذكر في هذه كرامة موسى . و " الكتاب " : التوراة .
" وجعلناه هدى لبني إسرائيل " ; أي: دللناهم به على الهدى . " ألا تتخذوا " قرأ ( يتخذوا ) بالياء، والمعنى: هديناهم لئلا يتخذوا . وقرأ الباقون بالتاء، قال أبو عمرو: أبو علي: وهو على الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة، مثل: " الحمد لله " ، ثم [ قال ] " إياك نعبد " .
قوله تعالى: " وكيلا " قال شريكا . وقال مجاهد: ربا . قال الزجاج: وإنما قيل للرب: وكيل ; لكفايته وقيامه بشأن عباده ; من أجل أن الوكيل عند الناس قد علم أنه يقوم بشؤون أصحابه، وتفقد أمورهم، فكان الرب وكيلا من هذه الجهة، لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل . ابن الأنباري:
قوله تعالى: " ذرية من حملنا " قال هو نداء يا ذرية من حملنا . قال مجاهد: من قرأ: ( ألا تتخذوا ) بالتاء، فإنه يقول: بعد الذرية مضمر حذف اعتمادا على دلالة ما سبق، تلخيصه: يا ذرية من حملنا مع ابن الأنباري: نوح لا تتخذوا وكيلا، ويجوز أن يستغني عن الإضمار بقوله: إنه كان عبدا شكورا ; لأنه بمعنى: اشكروني كشكره . ومن قرأ: ( لا يتخذوا ) بالياء، جعل النداء متصلا بالخطاب، و " الذرية " تنتصب بالنداء، ويجوز نصبها بالاتخاذ على أنها مفعول ثان، تلخيص الكلام: أن لا يتخذوا ذرية من حملنا مع نوح وكيلا . قال الناس كلهم ذرية من أنجى الله في تلك السفينة . قتادة:
قال العلماء: ووجه الإنعام على الخلق بهذا القول، أنهم كانوا في صلب من نجا .
قوله تعالى: " إنه كان عبدا شكورا " قال كان إذا أكل [ ص: 7 ] قال: " الحمد لله " ، وإذا شرب قال: " الحمد لله " . وقال غيره: كان إذا لبس ثوبا قال: " الحمد لله " ، فسماه الله عبدا شكورا . سلمان الفارسي: