ولما ثبت أن له سبحانه العظمة البالغة الباهرة من شمول العلم وتمام القدرة، فأنتج اعتماد أهل حزبه عليه وإعراضهم عن كل ما سواه، سبب عن ذلك قوله تهديدا للمخالفين وتسلية للمؤالفين: فذرهم أي اتركهم [ ولو -] على أسوأ أحوالهم يخوضوا أي يفعلوا في مقالهم وفعالهم الذي لا شيء منه على إتقان بل هو كفعل الحائض في الماء الذي لا يضع رجله في موضع يعلم أنه يرضيه، فهو بصدد أن [ ص: 419 ] يقع أو يغرق ويلعبوا أي يفعل فعل اللاعب الذي لا فائدة لفعله إلا ضياع الزمان والتعطل عما يهم من عظيم الشأن.
ولما كان ما توعد الله من أحوال الآخرة لا بد من وقوعه كان كأنه قادم على الإنسان والإنسان ساع بجهده إليه، فلذلك عبر بالمفاعلة فقال: حتى يلاقوا ولما كان ما يقع للكفار منه أعظم، كان ذلك اليوم كأنه خاص بهم فقال: يومهم الذي ولما كان الوعيد - وهو ما كان من الخبر تخويفا للمتوعد - صادعا للقلوب إذا كان من القادر من غير حاجة إلى ذكر المتوعد، بني المفعول قوله: يوعدون وهو يوم كشف الغطاء الذي أول تجليته عند الغرغرة ونهايته النفخة الثانية إلى دخول كل من الفريقين في داره ومحل استقراره، والآية منسوخة بآية السيف.