ولما ذكر القسمين المنجز عذابهم ومثابهم، ذكر المؤخر أمرهم [وهو القسم الظالم لنفسه في الذي بدأ به في سورة فاطر سورة الحشر الآخر، ولا يبعد أن تكون هذه سورة الحشر الأول؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ساق الناس إلى أرض المحشر] فقال: وآخرون أي: ومنهم آخرون مرجون أي: مؤخرون بين الرجاء والخوف لأمر الله أي: لما يأمر به فيهم الملك الأعظم الذي له الأمر كله لا يدرون أيعذبون أم يرحمون; وقدم قوله: إما يعذبهم إن أصروا - تخويفا [لهم] حملا على وحثا على أن يكون الخوف ما دام الإنسان صحيحا [ ص: 15 ] أغلب، وثنى بقوله: المبادرة إلى التوبة وتصفيتها والإخلاص فيها وإما يتوب عليهم أي: إن تابوا ترجية لهم وترقيقا لقلوبهم بالتذكير بمنزل الأنس الذي أخرجوا أنفسهم منه ومنعوها من حلوله وطيب مستقره ومقيله وحلي أوقاته وعلي مقاماته وشهي أقواته.
ولما كان ربما قال قائل: ما فائدة التأخير وما المانع من التنجيز؟ قال: والله أي المحيط بكل شيء قدرة وعلما عليم حكيم ترهيبا وترغيبا وتبعيدا وتقريبا واحتراسا مما قد يوهمه الترديد من الشك وتدريبا، وقراءة "غفور رحيم" للزيادة في الترجية.