باب بفتح القاف ( وهي ) اسم مصدر من أقسم إقساما وقسامة . القسامة
قال الأزهري : هم القوم يقسمون في دعواهم على رجل أنه قتل صاحبهم سموا قسامة باسم المصدر كعدل ورضا . وشرعا ( أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم ) لا نحو مرتد ولو جرح مسلما .
قال : أول من قضى بالقسامة في الجاهلية ابن قتيبة الوليد بن المغيرة . فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام لأنها ثبتت على خلاف الأصل في النفس لحرمتها فاختصت بها كالكفارة ( ( فلا تكون ) القسامة ( في ) دعوى قطع ( طرف ولا ) في دعوى ( جرح ) ; عشرة ) أحدها ( اللوث وهو العداوة الظاهرة وجد معها ) أي : [ ص: 330 ] العداوة ( أثر قتل ) كدم في أذنه أو أنفه ( أو لا ) لحصول القتل بما لا أثر له كضم الوجه والخنق وعصر الخصيتين ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل وشروط صحتها الأنصار هل بقتيلهم أثر أم لا ( ولو ) كانت العداوة ( مع سيد مقتول ) لأن السيد هو المستحق لدم ، وأم الولد والمدبر والمكاتب والمعلق عتقه بصفة في ذلك كالقن ، لأنه نفس معصومة أشبه الحر . والعداوة الظاهرة ( نحو ما كان بين الأنصار وأهل خيبر ، وما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضا بثأر ) وما بين البغاة وأهل العدل ، وما بين الشرطة واللصوص . ولا يشترط مع اللوث أن لا يكون بموضع القتل غير العدو نصا لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل الأنصار هل كان بخيبر غير اليهود أو لا مع أن الظاهر وجود غيرهم فيها لأنها كانت أملاكا للمسلمين يقصدونها لاستغلالها .
وفي الإقناع لو وجد قتيل في صحراء وليس معه غير عبده كان ذلك لوثا في حق العبد ( وليس يغلب على الظن صحة الدعوى ) أي : دعوى القتل ( كتفرق جماعة عن قتيل و ) ك ( وجوده ) أي : القتيل ( عند من معه محدد ) كسكين وخنجر ( ملطخ بدم و ) ك ( شهادة من لم يثبت بهم قتل ) كنساء وصبيان ( بلوث ) خبر ليس ( كقول مجروح : فلان جرحني ) فليس لوثا لأنه العداوة فقط لأن القسامة إنما ثبتت مع العداوة بقضية الأنصاري الذي قتل بخيبر ، ولا يقاس عليها لثبوت الحكم بالمظنة ، ولا يقاس في المظان ولا قياس في المظان لأن الحكم إنما يتعدى بتعدي سببه . والقياس : المظان جمع بمجرد الحكمة وغلبة الظنون ; والحكم بالظنون يختلف باختلاف القرائن والأحوال والأشخاص فلا يمكن ربط الحكم بها ( ومتى ( حلف مدعى عليه يمينا واحدة ) لحديث فقد ) اللوث ( وليست الدعوى ب ) قتل ( عمد ) بأن كانت بقتل خطأ أو شبه عمد عن أبيه عن جده مرفوعا { عمرو بن شعيب } رواه البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة الدارقطني لأنه ليس بمال ( فيخلى سبيله ) أي : المدعى عليه القتل عمدا حيث أنكر ولا بينة ( وعلى رواية فيها قوة ) وهي أشهر واختارها ( ولا يمين في ) دعوى قتل ( عمد ) مع فقد لوث وغيره وقدمها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم . ذكره في التنقيح ( يحلف ، فلو نكل لم يقض عليه بغير الدية ) احتياطا للدماء . الشرط ( الثاني الموفق ( لتصح الدعوى ) لأنها لا تصح على صغير ولا مجنون . الشرط ( الثالث إمكان القتل منه ) أي : المدعى عليه ( وألا ) يمكن منه قتل لنحو زمانة لم تصح عليه دعواه ( كبقية الدعاوى ) التي يكذبها الحس ، وإن تكليف ) [ ص: 331 ] الـ ( قاتل ) أي مدعى عليه القتل بطلت الدعوى . قال في الشرح . الشرط ( الرابع أقام مدعى عليه بينة أنه كان يوم القتل في بلد بعيد من بلد المقتول ولا يمكنه مجيئه منه إليه في يوم واحد ) أي : أن يصفه المدعي ( في الدعوى ) كأن يقول جرحه بسيف أو سكين ونحوه في محل كذا من بدنه ، أو خنقه أو ضربه بنحو لت في رأسه ونحوه ( فلو استحلفه ) أي : المدعى عليه ( حاكم قبل تفصيله ) أي : وصف مدع القتل ( لم يعتد به ) أي الحلف لعدم صحة الدعوى . الشرط ( الخامس وصف القتل ) فلا يكفي طلب بعضهم لعدم انفراده بالحق . الشرط ( السادس : طلب جميع الورثة ( فلا يكفي عدم تكذيب بعضهم بعضا ) إذ الساكت لا ينسب إليه حكم . الشرط ( السابع اتفاقهم ) أي جميع الورثة ( على الدعوى ) للقتل فإن أنكر ) القتل ( بعض ) الورثة ( فلا قسامة ) الشرط ( الثامن : اتفاقهم ) أي جميع الورثة ( على القتل ) نصا ( فلو قال بعض ) الورثة ( قتله زيد و ) قال ( بعضهم قتله بكر فلا قسامة ) . وكذا لو قال بعضهم قتله زيد وقال بعضهم لم يقتله زيد ، عدلا كان المكذب أو فاسقا ; لإقراره على نفسه بتبرئة زيد ، وكذا لو قال أحد ابني القتيل قتله زيد ، وقال الآخر لا أعلم قاتله فلا قسامة كما لو كذبه ; لأن الأيمان أقيمت مقام البينة ولا يجوز أن يقوم أحدهما مقام الآخر في الأيمان كسائر الدعوى : اتفاقهم ) أي الورثة ( على ) عين ( قاتل لإمكان علمه بعد جهله . الشرط ( التاسع ( ويقبل تعيينهم ) أي الورثة لقاتل ( بعد قولهم لا نعرفه ) ) لحديث { : كون فيهم ) أي الورثة ( ذكور مكلفون } ولأن القسامة يثبت بها قتل العمد فلم تسمع من النساء كالشهادة ، والدية إنما تثبت ضمنا لا قصدا . ( ولا يقدح غيبة بعضهم ) أي الورثة ( و ) لا ( عدم تكليفه ) بأن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا ( و ) لا يقدح ( نكوله ) أي : بعض الورثة عن اليمين لأن القسامة حق له ولغيره ، فقيام المانع بصاحبه لا يمنع حلفه واستحقاقه لنصيبه كالمال المشترك ( فلذكر حاضر مكلف ) أن يحلف ( بقسطه ) من الأيمان ( ويستحق نصيبه من [ ص: 332 ] الدية ) كما لو كان الكل حاضرين مكلفين يقسم خمسون رجلا منكم وتستحقون دم صاحبكم ( أن يحلف بقسط نصيبه ) من الأيمان ( ويأخذه ) أي : نصيبه من الدية لبنائه على أيمان صاحبه كما لو كان حاضرا مكلفا ابتداء . الشرط ( العاشر ( ولمن قدم ) من الغائبين ( أو كلف ) أي بلغ أو عقل من الورثة ) لقوله : كون الدعوى على واحد ) لا اثنين فأكثر ( معين للأنصار : { } ولأنها بينة ضعيفة خولف بها الأصل في قتل الواحد فاقتصر عليه ( فلو يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته ) فلا قسامة لما تقدم من اشتراط اتحاد المدعى عليه ( أو ) قالوا قتله ( أحدهما فلا قسامة ) لأنها لا تكون إلا على معين ( ولا يشترط كونها ) أي القسامة ( بقتل عمد ) لأنها حجة شرعية فوجب أن يثبت بها الخطأ كالعمد . ( ويقاد فيها ) أي : القسامة ( إذا تمت الشروط ) العشرة ، وشروط القود لقوله صلى الله عليه وسلم : { قالوا ) أي ورثة القتيل ( قتله هذا مع آخر } . يحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته
وفي لفظ " ويسلم إليكم " والرمة الحبل الذي يربط به من عليه القود ، ولثبوت العمد بالقسامة كالبينة فيثبت أثره وروى لمسلم بإسناده عن الأثرم عامر الأحول { الطائف } . أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة في