الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          كفارة القتل سميت بذلك من الكفر بفتح الكاف . أي : الستر . لأنها تستر الذنب وتغطيه . وأجمعوا على وجوبها في الجملة لقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } - الآية ( وتلزم ) الكفارة ( كاملة في مال قاتل لم يتعمد ) القتل . بأن قتل خطأ أو شبه عمد للآية وألحق بالخطأ شبه العمد . لأنه في معناه . بخلاف العمد المحض ( ولو ) كان القاتل ( كافرا أو قنا أو صغيرا أو مجنونا ) لأنها حق مالي يتعلق بالفعل أشبهت الدية ، وأيضا هي عبادة مالية أشبهت الزكاة ( أو إماما في خطأ يحمله بيت المال أو مشاركا ) في القتل . لأن الكفارة موجب قتل آدمي فوجب إكمالها على كل من الشركاء فيه كالقصاص ، وسواء قتل بمباشرة ( أو بسبب ) كحفر بئر تعديا ، ولو كان القتل بها ( بعد موته ) أي : المتسبب لعموم قوله تعالى : { ومن قتل } ( نفسا ) مفعول لقاتل ( محرمة ولو نفسه ) أي : القاتل ( أو ) نفس ( قنه ) لعموم الآية ( أو ) كان المقتول ( مستأمنا ) لأنه آدمي قتل ظلما أشبه المسلم ، ولعموم قوله تعالى : [ ص: 329 ] { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } .

                                                                          ( أو ) كان القتيل ( جنينا ) بأن ضرب بطن حامل فألقت جنينا ميتا أو حيا ثم مات لأنه نفس محرمة ; ولا كفارة بإلقاء مضغة لم تتصور ( غير أسير حربي يمكنه ) أي : الذي أسره ( أن يأتي به الإمام ) فيحرم عليه قتله ، ولا كفارة فيه ( و ) غير ( نساء ) أهل ( حرب وذريتهم و ) غير ( من لم تبلغه الدعوة ) أي : دعوة الإسلام . فيحرم قتلهم ، ولا كفارة لمفهوم قوله تعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } - الآية ولأنهم لا أمان لهم ولا أيمان ، والمنع من قتلهم للافتيات على الإمام ، أو انتفاع المسلمين بهم . أو لعدم الدعوة ولأنهم غير مضمونين بقصاص ولا دية . أشبهوا مباح الدم و ( لا ) كفارة على من قتل نفسا ( مباحة كباغ ) ومرتد ، ومن تحتم قتله للمحاربة ( وكا ) ( لقتل قصاصا أو حدا ) أو قتله ( دفعا عن نفسه ) لصوله عليه . لأنه مأذون له فيه شرعا ، وكفارته عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، ولا إطعام فيها . وتقدم في الظهار ( ويكفر قن بصوم ) لأنه لا مال له يعتق منه .

                                                                          ( و ) يكفر ( من مال غير مكلف ) كصغير ومجنون ( وليه ) فيعتق منه رقبة لعدم إمكان الصوم منهما . ولا تدخله النيابة . وتقدم في الحجر ، ويكفر سفيه ومفلس بصوم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية