فصل وإن لم يكن له إمساكهن كلهن بغير خلاف ( اختار ولو ) كان ( محرما أربعا منهن ولو من ميتات ) ; لأن الاختيار استدامة للنكاح وتعيين للمنكوحة فصح من المحرم بخلاف ابتداء النكاح والاعتبار في الاختيار بوقت ثبوته فلذلك صح أن يختار من الميتات ; لأنهن كن أحياء وقته ( إن كان ) الزوج ( مكلفا وإلا ) يكن الزوج مكلفا ( وقف الأمر حتى يكلف ) فيختار منهن ; لأن غير المكلف لا حكم له لقوله ولا يختار عنه وليه ; لأنه حتى يتعلق بالشهوة فلا يقوم غيره فيه مقامه وسواء تزوجهن في عقد أو عقود وسواء اختار الأوائل أو الأواخر نصا ، لما روى أسلم كافر وتحته أكثر من أربعة نسوة فأسلمن في عدتهن ( أو كن كتابيات ) أو كان بعضهن كتابيات وبعضهن غيرهن فأسلمن في عدتهن قيس بن الحارث قال [ ص: 687 ] { } رواه أسلمت وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال اختر منهن أربعا أحمد وأبو داود .
وعن محمد بن سويد الثقفي { غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا } رواه أن الترمذي ورواه في الموطأ عن مالك الزهري مرسلا ( ويعتزل ) وجوبا ( المختارات حتى تنقضي عدة المفارقات ) إن كانت المفارقات أربعا فأكثر وإلا اعتزل من المختارات بعددهن ; لئلا يجمع ماءه في رحم أكثر من أربع نسوة فإن كن خمسا ففارق إحداهن فله وطء ثلاث من المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة ، وإن كن ستا وفارق اثنتين اعتزل اثنتين من المختارات ، وإن كن سبعا ففارق ثلاثا اعتزل من المختارات ثلاثا ، وإن كن ثمانيا اعتزل المختارات ، وكلما انقضت عدة واحدة من المفارقات فله وطء واحد من المختارات .
وإن لم يطأها حتى تنقضي عدة أختها ; لئلا يطأ إحدى الأختين في عدة أختها . ( وأولها ) أي العدة ( من حين اختاره ) للمختارات ; لأنه وقت فرقة المفارقات ( أو يمتن ) عطف على تنقضي أي يجب عليه أن يعتزل المختارات حتى تنقضي عدة المفارقات أو يمتن . تزوج أختين فدخل بهما ثم أسلم وأسلمتا في العدة فاختار إحداهما
( وإن ملك إمساكا وفسخا في مسلمة ) من الزوجات إن زدن على أربع ( خاصة ) فلا يختار ممن لم يسلمن ( وله ) أي لمن أسلم وتحته أكثر من أربع فأسلم منهن خمس فأكثر ( تعجيل إمساك مطلقا ) بأن يختار أربعا ممن أسلم . أسلم بعضهن ) أي الزوجات الزائدات على أربع ( وليس الباقي ) أي المتخلف عن الإسلام منهن ( كتابيات
( و ) له ( تأخيره ) أي الاختيار حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن ) فإن مات اللاتي أسلمن ثم أسلم الباقيات فله الاختيار منهن ومن الميتات كما تقدم ; لأنه ليس بعقد وإنما هو تصحيح للعقد الأول فيهن ( فإن لم يسلمن ) أي الباقيات ( أو أسلمن وقد اختار أربعا ) ممن أسلمن أولا ( فعدتهن منذ أسلم ) ; لأن الإسلام سبب منع استدامة نكاحها وإنما كانت مبهمة قبل الاختيار إذ ليس إحداهن أولى بالفسخ من غيرها فبالاختيار تعينت والعدة من حين السبب ( فإن لم يختر ) من أسلم وتحته أكثر من أربع ( أجبر ) على الاختيار ( بحبس ثم تعزير ) إن أصر على الحبس ليختار ; لأنه حق عليه فأجبر على الخروج منه إذا امتنع كسائر الحقوق .
( و ) يجب ( عليه نفقتهن ) جميعا ( إلى أن يختار ) [ ص: 688 ] منهن أربعا لوجوب نفقة زوجاته عليه وقبل الاختيار لم تتعين زوجاته من غيرهن بتفريطه وليس إحداهن أولى بالنفقة من الأخرى ( ويكفي في اختيار ) قوله : ( أمسكت هؤلاء وتركت هؤلاء لفسخ ) أو اخترت هذه أو اخترت هذه ( لإمساك ونحوه ) ك أبقيت هذه وباعدت هذه ( ويحصل ) اختيار ( بوطء أو طلاق ) ; لأنهما لا يكونان إلا في زوجة و ( لا ) يحصل اختيار ( بظهار أو إيلاء ) ; لأنهما كما يدلان على التصرف في المنكوحة يدلان على اختيار تركها فيتعارض الاختيار وعدمه فلا يثبت واحد منهما .
( تعين الأول ) أي الأربع الموطوآت منهن أولا للإمساك وما بعدهن للترك ( ( وإن وطئ الكل ) قبل الاختيار بالقول أخرج ) منهن ( أربعا بقرعة ) فكن المختارات فيقع بهن الطلاق ; لأنه لا يملكه في أكثر من أربع ( وله نكاح البواقي ) بعد انقضاء عدة المخرجات بقرعة ; لأن الطلاق لم يقع بهن ( والمهر ) واجب ( لمن انفسخ نكاحها بالاختيار إن كان دخل بها ) لاستقراره بالدخول كالدين ( وإلا ) يكن دخل بها ( فلا ) مهر لها لتبين أن الفرقة وقعت بإسلامهم جميعا كفسخ النكاح لعيب أحد الزوجين ولأنه نكاح لا يقر عليه في الإسلام فكأنه لم يوجد كالمجوسي يتزوج أخته ثم يسلمان قبل الدخول . وإن طلق الكل ثلاثا
( ولا يصح ( ولا ) يصح ( فسخ نكاح مسلمة لم يتقدمها ) أي حالة الفسخ . تعليق اختيار بشرط ) كقوله من دخلت الدار فقد اخترتها
وفي المحرر لم يتقدمه أي الفسخ ( إسلام أربع سواها وليس فيهن أربع كتابيات ; لأن الفسخ إنما يكون فيما زاد على الأربع إلا أن يزيد بالفسخ الطلاق فيقع ; لأنه كتابة لم يصح ; لأنه ليس بوقت اختيار وإن فسخ نكاحها لم ينفسخ ; لأنه لما لم يجز الاختيار لم يجز الفسخ . وإن اختار إحداهن قبل إسلامها
( وإن ( فعلى الجميع ) ممن أسلم من نسائه ( أطول الأمرين من عدة وفاة أو ثلاث قروء ) إن كن ممن يحضن لتنقضي العدة بيقين ; لأن كل واحد منهن يحتمل أن تكون مختارة أو مفارقة وعدة المختار للوفاة أربع أشهر وعشرة أيام وعدة المفارقة ثلاثة قروء فوجب أطولهن احتياطا وتعتد حامل بوضعه وصغيرة وآيسة لوفاة ; لأنها أطول ( ويرث منه ) أي الميت ( أربع ) ممن أسلم عليهن وأسلمن ( بقرعة ) كما لو مات عن نسوة [ ص: 689 ] نكاح بعضهن فاسد وجهل مات ) من أسلم وتحته أكثر من أربع ( قبل اختيار ) أربع منهن