فصل وتشترط لصلاة جماعة نية كل من إمام ومأموم ( ) فينوي الإمام الإمامة ، والمأموم الاقتداء ، كالجمعة ; لأن الجماعة تتعلق بها أحكام من وجوب الاتباع وسقوط سجود السهو والفاتحة عن المأموم ، وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه . وإنما يتميز الإمام عن المأموم بالنية ، فكانت شرطا لانعقاد الجماعة ( وإن ) كانت ( نفلا ) كالتراويح والوتر .
فلا بد من نية كل منهما حاله كالفرض ( فإن اعتقد كل ) من مصليين ( أنه إمام الآخر ، أو ) اعتقد كل منهما أنه ( مأمومه ) أي الآخر لم تصح لهما . نصا ; لأنه أم من لم يأتم به في الأولى ، وائتم بمن ليس بإمام في الثانية ، وكذا إن عين إماما أو مأموما ، فأخطأ ، لا إن ظن ( أو نوى ) مصل ( إمامة من ) أي مصل ( لا يصح أن يؤمه ، كأمي ) لا يحسن الفاتحة نوى أن يؤم ( قارئا ) يحسنها ، وكامرأة أمت رجلا لم تصح لهما ; لفساد الإمامة والائتمام .
( أو شك ) كل منهما ( في كونه إماما أو مأموما . لم تصح ) صلاتهما لعدم جزمهما . وكذا لو ائتم بإمامين أو بأحدهما لا بعينه ( فإن ائتم مقيم بمقيم مثله إذا سلم إمام مسافر ) قصر الصلاة وكانا ائتما به صح ( أو ) ائتم ( من سبق ) بركعة فأكثر ( بمثله في قضاء ما فاتهما ) بعد سلام [ ص: 179 ] إمامهما ( في غير جمعة صح ) ذلك ; لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة لعذر السبق ، بالنية المعتبرة للجماعة
فإن ائتم مسبوق بإمام جماعة أخرى في قضاء ما فاته أو كانا في جمعة لم يصح ، قال : لأنها إذا أقيمت بمسجد لم تقم فيه مرة ثانية ، وفيه نظر ، فإن ذلك ليس إقامة ثانية ، وإنما هو تكميل لها بجماعة ، فغايته : أنها فعلت بجماعتين ، وهو لا يضر ، وقيل : لعله لاشتراط العدد لها فيلزم لو ائتم تسعة وثلاثون بآخر يصح ( ولا يصح أن يأتم ) أي ائتمام ( من لم ينوه ) أي الائتمام ( أولا ) أي في ابتداء الصلاة ; لأنه محل النية ( إلا إذا أحرم ) مصل ( إماما لغيبة إمام الحي ) أي الإمام الراتب ( ثم حضر ) إمام الحي فأحرم ( وبنى ) صلاته ( على صلاة ) الإمام ( الأول ) الذي أحرم لغيبته ( وصار ) هذا ( الإمام مأموما ) بالإمام الراتب سواء كان الإمام الأعظم أو غيره . القاضي
لما روى قال : { سهل بن سعد بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فصلى أبو بكر رضي الله تعالى عنه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فاستأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ، ثم انصرف } متفق عليه . و ( لا ) يصح ( أن يؤم ) من لم ينو الإمامة أولا ، ولو في نفل . ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
وتصح صلاته ( بلا عذر السبق والقصر ) السابقين ( إلا إذا استخلفه إمام ، لحدوث مرض ) للإمام ( أو ) حدوث ( خوف أو ) حدوث ( حصر ) له ( عن قول ) واجب كقراءة وتشهد وتسميع وتكبير وتسبيح ركوع وسجود ونحوه ، لوجود العذر الحاصل للإمام ، مع بقاء صلاته وصلاة المأمومين ، بخلاف ما لو سبق الإمام الحدث ، لبطلان صلاة الكل ( ويبني ) خليفة الإمام ( على ترتيب ) الإمام ( الأول ) ; لأنه فرعه ، ولئلا يخلط على المأمومين ( ولو ) كان المستخلف ( مسبوقا ) لم يدخل معه من أول الصلاة فيجوز استخلافه ، ويبني على صلاة إمامه ،
فإن شك : كم صلى الإمام ؟ بنى على اليقين ، فإن سبح به المأموم رجع ( ويستخلف ) ذلك المسبوق ( من يسلم بهم ) أي المأمومين الذين دخلوا مع الإمام من أول الصلاة ( فإن لم يفعل ) أي يستخلف من يسلم بهم ( فلهم ) أي المأمومين ( السلام ) لأنفسهم ( ولهم ) ( الانتظار ) له حتى يتم صلاته ويسلم بهم ، نصا .
وفي موضع من المجرد : يستحب انتظاره حتى يسلم بهم [ ص: 180 ] ( والأصح يبتدئ الفاتحة من ) أي مستخلف ( لم يدخل معه ) في الصلاة . للقاضي
قال في التنقيح : وله استخلاف من لم يدخل معه نصا ويبني على ترتيب الأول ، والأصح : يبتدئ الفاتحة انتهى . قال : والصحيح عندي : أنه يقرأ سرا ما فاته من فرض القراءة ، لئلا تفوته الركعة ، ثم يبني على قراءة الأول إن كانت صلاة جهر . ( وتصح نية مصل ) الإمامة ( ظانا حضور مأموم ) يأتم به إقامة للظن مقام اليقين . المجد
و ( لا ) تصح نية الإمامة ( شاكا ) في حضور مأموم ; لأن الأصل عدمه ، ولو حضر من يأتم به ( وتبطل ) صلاة من ( إن لم يحضر ) ويدخل معه قبل رفعه من ركوع ، أو حضر ولم يدخل معه قبل رفعه من الركوع ( أو كان ) من ظن دخوله ( معه حاضرا ) فأحرم به فانصرف ( ولم يدخل معه ) ; لأنه نوى الإمامة بمن لم يأتم به و ( لا ) تبطل ( إن دخل معه ) من ظن حضوره أو غيره ( ثم انصرف ) عنه قبل إتمام الصلاة نوى الإمامة ظانا حضور مأموم
فيتمها الإمام منفردا ; لأنها لا في ضمنها ولا متعلقة بها ، بدليل سهوه وعلمه بحدثه ( وصح ) لمصل جماعة ( لعذر يبيح ترك الجماعة أن ينفرد ) عن الجماعة ( إمام ومأموم ) لحديث : قال { جابر بقومه فقرأ سورة البقرة ، فتأخر رجل فصلى وحده ، فقيل له : نافقت ، فقال : ما نافقت ، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال : أفتان أنت يا معاذ ؟ مرتين معاذ } متفق عليه . صلى
، فإن لم يكن عذر بطلت صلاته بمفارقته ، قال في الفصول : وإن كان الإمام يعجل ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل ، لم يجز انفراده ، وإنما يملك الانفراد إذا استفاد به تعجيل لحوقه لحاجته ، فإن زال عذر مأموم فارق إمامه فله الدخول معه ، وفي الفصول : يلزمه لزوال الرخصة .
( ويقرأ مأموم فارق ) إمامه ( في قيام ) قبل أن يقرأ الباقي بالقراءة المطلوبة ( أو يكمل ) على قراءة إمامه إن كان قرأ البعض ( وبعدها ) أي بعد قراءة إمامه ( له ) أي المأموم المفارق ( الركوع في الحال ) ; لأن قراءة إمامه قراءة له ( فإن ظن ) مأموم فارق إمامه ( في صلاة سر ) كظهر ( أن إمامه قرأ ) الفاتحة ( لم يقرأ ) أي لم تلزمه القراءة ، إجراء للظن مجرى اليقين .
( و ) إن فارقه ( في ثانية جمعة ) وأدرك معه الأولى ( يتم ) مفارق صلاته ( جمعة ) ; لأنه أدرك مع إمامه ركعة [ ص: 181 ] مطلقا ) أي لعذر أو غيره ، فلا استخلاف إن سبقه الحدث ( لا عكسه ) أي لا تبطل صلاة إمام ببطلان صلاة مأموم لما تقدم أنها ليست في ضمنها ولا متعلقة بها ( ويتمها ) الإمام ( منفردا ) إن لم يكن معه غير من بطلت صلاته ( ومن خرج من صلاة يظن أنه أحدث ) فظهر له أنه ( لم يكن ) أحدث ( بطلت ) صلاته ، لفسخه نية الصلاة بخروجه منها . ( وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه