[ ص: 13 ] ( كتاب الطهارة ) : هو خبر لمبتدإ محذوف ; أي هذا كتاب ، أو مبتدأ خبره محذوف ; أي مما يذكر كتاب ويجوز نصبه بفعل مضمر ، لكن لا يساعده الرسم إلا مع الإضافة ، وكذا يقال في نظائره وهو مصدر كالكتب والكتابة ، بمعنى الجمع ، ومنه الكتيبة بالمثناة للجيش ، والكتابة بالقلم لجمع الكلمات والحروف ، وهو هنا بمعنى المكتوب الجامع لمسائل الطهارة من بيان أحكامها وما توجبها ، وما يتطهر به ونحو ذلك ، فلذلك قالوا : إنه مشتق من الكتب .
وبدأ الفقهاء بالطهارة لأن آكد أركان الإسلام ، بعد الشهادتين الصلاة : والطهارة شرطها والشرط مقدم على المشروط ، وقدموا العبادات اهتماما بالأمور الدينية ، ثم المعاملات لأن من أسبابها الأكل والشرب ونحوه من الضروري الذي يحتاج إليه الكبير والصغير وشهوته مقدمة على شهوة النكاح ، وقدموه على الجنايات والحدود والمخاصمات لأن وقوعها في الغالب بعد الفراغ من شهوتي البطن والفرج ( الطهارة ) مصدر طهر بالفتح والضم ، كما في الصحاح ، والاسم الطهر .
وهي لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار حتى المعنوية ، وشرعا ( ارتفاع حدث ) أي زوال الوصف الحاصل به المانع من نحو صلاة وطواف ، والارتفاع مصدر ارتفع ، ففيه المطابقة بين المفسر والمفسر في اللزوم بخلاف الرفع ، ويأتي معنى الحدث ( وما في معناه ) أي معنى ، كالحاصل بغسل الميت لأنه تعبدي لا عن حدث وكذا غسل يدي القائم من نوم الليل . ارتفاع الحدث
وما يحصل بالوضوء والغسل المستحبين ، وما زاد على المرة في وضوء وغسل وبغسل الذكر والأنثيين من المذي إن لم يصبهما ، وكوضوء نحو المستحاضة إن قيل لا يرفع الحدث ( بماء ) متعلق بارتفاع ( طهور مباح ) فلا يرتفع [ ص: 14 ] حدث بغير ماء طهور مباح أي نجس حكمي ( به ) أي بالماء الطهور . ( وزوال خبث )
( ولو لم يبح ) فتزول النجاسة بنحو مغصوب ، لأن إزالتها من قسم التروك ، بخلاف رفع الحدث ، وتزول النجاسة بالماء وحده إن لم تكن من نحو كلب ( أو ) بماء طهور ( مع تراب طهور أو نحوه ) كصابون وأشنان إن كانت منه ، فلا يكفي فيها الماء وحده ( أو ) زوال خبث ( بنفسه ) أي بغير شيء يفعل به ، كخمرة انقلبت بنفسها خلا ، وماء كثير متغير بنجاسة زال تغيره بنفسه ، فالباء للسببية المجازية ( أو ارتفاع حكمهما ) أي الحدث وما في معناه والخبث ( بما يقوم مقامه ) أي الماء كالتيمم والاستجمار - وهذا الحد لصاحب التنقيح ، وسبقه إلى قريب منه ، واعترضه الموفق الحجاوي ، كما أوضحته في الحاشية .