[ ص: 1933 ] هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هل أتاك حديث موسى وهذا الاستفهام عن أمر عظيم متحقق وقوعه. أي: هل أتاك حديثه .
إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى وهو المحل الذي كلمه الله فيه، وامتن عليه بالرسالة، واختصه بالوحي واجتباه فقال له اذهب إلى فرعون إنه طغى أي: فانهه عن طغيانه وشركه وعصيانه، بقول لين، وخطاب لطيف، لعله يتذكر أو يخشى
فقل له: هل لك إلى أن تزكى أي: هل لك في خصلة حميدة، ومحمدة جميلة، يتنافس فيها أولو الألباب، وهي أن تزكي نفسك وتطهرها من دنس الكفر والطغيان، إلى الإيمان والعمل الصالح؟
وأهديك إلى ربك أي: أدلك عليه، وأبين لك مواقع رضاه، من مواقع سخطه. فتخشى الله إذا علمت الصراط المستقيم، فامتنع فرعون مما دعاه إليه موسى.
فأراه الآية الكبرى أي: جنس الآية الكبرى، فلا ينافي تعددها فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين
فكذب بالحق وعصى الأمر، ثم أدبر يسعى أي: يجتهد في مبارزة الحق ومحاربته، فحشر جنوده أي: جمعهم فنادى فقال لهم: أنا ربكم الأعلى فأذعنوا له وأقروا بباطله حين استخفهم، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى أي: جعل الله عقوبته دليلا وزاجرا، ومبينة لعقوبة الدنيا والآخرة، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى فإن من يخشى الله هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، فإذا رأى عقوبة فرعون، عرف أن كل من تكبر وعصى، وبارز الملك الأعلى، عاقبه في الدنيا والآخرة، وأما من ترحلت خشية الله من قلبه، فلو جاءته كل آية لم يؤمن بها .